هل يجوز أن ينويَ المضحِّي -بخروف- عنه وعن أهل بيته؟
فتوى رقم 4728 السؤال: هل يجوز أن ينويَ المضحِّي -بخروف- عنه وعن أهل بيته؟ وهل يدخل أبوه وأمُّه في الأُضحية ضِمناً؟ هو زوج وزوجة وابنة وابن غير بالغ، جزاكم الله خيراً، أتمنى أن أحصل على الجواب قبل انتهاء وقت الأضاحي لهذا العيد المبارك، وكل عام وأنتم بخير.
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
بدايةً، فإن المسألة فيها تفصيل عند فقهاء المذاهب الفقهية المعتبرة، فقد نصَّ المالكيَّة -في كتبهم المعتمدة- على:” أَنَّ الشَّخْصَ إِذَا ضَحَّى نَاوِيًا نَفْسَهُ فَقَطْ، سَقَطَ الطَّلَبُ عَنْهُ، وَإِذَا ضَحَّى نَاوِيًا نَفْسَهُ وَأَبَوَيْهِ الْفَقِيرَيْنِ وَأَوْلاَدَهُ الصِّغَارَ، وَقَعَتِ التَّضْحِيَةُ عَنْهُمْ، وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُشْرِكَ غَيْرَهُ فِي الثَّوَابِ -قَبْل الذَّبْحِ- وَلَوْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ بِثَلاَثِ شَرَائِطَ:
1ـ أَنْ يَسْكُنَ مَعَهُ.
2ـ أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا لَهُ -وَإِنْ بَعُدَتِ الْقَرَابَةُ- أَوْ زَوْجَةً.
3ـ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى مَنْ يُشْرِكُهُ وُجُوبًا كَأَبَوَيْهِ وَصِغَارِ وَلَدِهِ الْفُقَرَاءِ، أَوْ تَبَرُّعًا كَالأْغْنِيَاءِ مِنْهُمْ، وَكَعَمٍّ وَأَخٍ وَخَالٍ.
فَإِذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الشَّرَائِطُ سَقَطَ الطَّلَبُ عَمَّنْ أَشْرَكَهُمْ. وَإِذَا ضَحَّى بِشَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا نَاوِيًا غَيْرَهُ فَقَطْ، وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ، مِنْ غَيْرِ إِشْرَاكِ نَفْسِهِ مَعَهُمْ سَقَطَ الطَّلَبُ عَنْهُمْ بِهَذِهِ التَّضْحِيَةِ، وَإِنْ لَمْ تَتَحَقَّقْ فِيهِمُ الشَّرَائِطُ الثَّلاَثُ السَّابِقَةُ. وَلَا بُدَّ فِي كُلِّ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ الأْضْحِيَّةُ مِلْكًا خَاصًّا لِلْمُضَحِّي، فَلاَ يُشَارِكُوهُ فِيهَا وَلاَ فِي ثَمَنِهَا، وَإِلاَّ لَمْ تُجْزِئْ”. الموسوعة الفقهية (5/77و78)، حاشية العلَّامة الدُّسوقيُّ المالكيُّ على الشرح الكبير للعلَّامة العَدَوِيِّ المالكيِّ (2/118و119). وَللسادة ِالشَّافِعِيَّةِ تَفْسِيرَاتٌ مُتَعَدِّدَةٌ لأِهْل الْبَيْتِ الْوَاحِدِ، وَالرَّاجِحُ تَفْسِيرَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِمْ مَنْ تَلْزَمُ الشَّخْصَ نَفَقَتُهُمْ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ الشَّمْسُ الرَّمْلِيُّ فِي “ِهَايَةِ الْمُحْتَاجِ” (8/123). ثَانِيهِمَا: مَنْ تَجْمَعُهُمْ نَفَقَةُ مُنْفِقٍ وَاحِدٍ وَلَوْ تَبَرُّعًا، وَهَذَا هُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ الشِّهَابُ أحمد الرَّمْلِيُّ في حاشيته على أسْنى الـمَطَالب شَرْحِ الرَّوضِ لشيخ ِالإسلام زكريا الأنصاري (1/536). وَمِمَّا اسْتُدِلَّ به على ذلك حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ الأنْصَارِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: “كُنَّا نُضَحِّي بِالشَّاةِ الْوَاحِدَةِ يَذْبَحُهَا الرَّجُلُ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، ثُمَّ تَبَاهَى النَّاسُ بَعْدُ فَصَارَتْ مُبَاهَاة”. أخرجه مالكٌ في الموطأ، وصحَّحه الإمام النوويُّ رحمه الله في المجموع(8 / 384 )، حديث أمِّنا عَائِشَةَ رضي الله عنها: “أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلَّى الله عليه وسلَّم أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ، يَطَأُ فِي سَوَادٍ، (في رجليه سواد) وَيَبْرُكُ فِي سَوَادٍ، (في بطنه سواد) وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ. (حول عينيه سواد) فَأُتِيَ بِهِ لِيُضَحِّيَ بِهِ. فَقَالَ لَهَا: «يَا عَائِشَةُ هَلُمّي الْمُدْيَةَ». ثُمّ قَالَ «اشْحَذِيهَا بِحَجَرٍ» فَفَعَلَتْ. ثُمّ أَخَذَهَا، وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ. ثُمّ ذَبَحَهُ. ثُمّ قَالَ «بِاسْمِ اللّهِ. اللّهُمّ تَقَبّلْ مِنْ مُحَمّدٍ وَآلِ مُحَمّدٍ. وَمِنْ أُمّةِ مُحَمّدٍ» ثُمّ ضَحّىَ بِه”. رواه مسلمٌ في صحيحه. ولما رواه مالكٌ وابن ماجه والترمذيُّ وصحَّحه عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ؛ قَالَ: “سَأَلْتُ أَبَا أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ رضي الله عنه: كَيْفَ كَانَتِ الضَّحَايَا فِيكُمْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم؟ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ، فِي عَهْدِ النَّبِيّ ِصلَّى الله عليه وسلَّم، يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ. فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ. ثُمَّ تَبَاهَى النَّاسُ، فَصَارَ كَمَا تَرَى”. الموسوعة الفقهية (5/78) ونصَّ الشافعية في كتهم المعتمدة على أنه: “إنْ ذبحها -الأضحية- عنه وعن أهله، أو عنه، أو عنه وأشرك غيره (كوالدَيْه مثلًا) في ثوابها جاز.” انتهى “مغني المحتاج” للخطيب الشربيني (4/285)، وحاشية الشهاب الرملي على أسْنى الـمَطَالب شَرْحِ الرَّوضِ لشيخ ِالإسلام زكريا الأنصاري (1/536و537).
وعليه: فلا مانعَ من أن تنويَ الأضحية عن نفسك وعن أهل البيت كلِّهم وعن والديك إذا كنت تنفق عليهم ولو تطوُّعاً، ويمكنك أن تنويَ إشراكَهم في الثواب-بأن تعقدَ النية في القلب على إهداء الثواب كلِّه أو بعضِه إليهم-. والله تعالى أعلم.