ما حكم بخاخ الحساسية؟ وما حكم من استؤصل له مخرجه، هل يجوز أن يصلي صلاة المضطر؟ وهل يمكن أن يجمع الصلوات؟
فتوى رقم 4719 السؤال: السلام عليكم، ما حكم بخاخ الحساسية؟ وهل على من استؤصل له مخرجه -أعزَّكم الله- هل عليه أن يصلِّيَ صلاة المضطر، ويختصر من السُّنن داخل الصلاة، وأن لا يُطيل القراءة فيما بعد الفاتحة؟ وقد سمعت منكم أن مَن يحمل كيساً -لعدم قدرته على إخراج الفضلات- أنه يمكنه جمع الصلاتين تقديماً أو تأخيراً، لكنْ لو بقي الكيس نظيفاً فهل عليه إعادة الصلاة في وقتها بعدما جمعها؟ وإن كان كذلك -وهو كان يجمع دائماً، وهو كبير في السِّنِّ- فهل عليه أن يقضيَها جميعاً؟ أفيدونا أفادكم الله.
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
بالنسبة للسؤال الأول: -وهو استعمال بخاخ الرَّبو- فإنَّ استخدام بخَّاخ الرَّبو مفطِّر عند أكثر فقهاء المذاهب، وبعض العلماء المعاصرين يُفْتُون بأنَّه لا يفطِّر. فإذا احتاج المريض إليه أثناء نهار رمضان ولم يُغْنِ غيرُه عنه، فله الفطر، ولْيمسك بقية النَّهار، وَلْيَقضِ ما فاته بعد رمضان، ولا فديةَ عليه إلا إذا كان مرضه هذا دائمًا يمنعه من الصوم، ولا يُرجى البرؤ منه، فتجب في هذه الحالة الفدية فقط، وهي مُدٌّ، ومقداره: 600 غرامًا، ويكون من غالبِ قوت أهل البلد؛ كالأَرُز، والفول، والعدس… يُعطَى لفقير أو مسكين مسلم.
وأما بالنسبة للسؤال الثاني: -وهو من استُؤصل له مخرج الغائط، ووُضع له كيس للنجاسة، فما حكم صلاته- فقد نصَّ فقهاء الشافعية في كتبهم المعتمدة في المذهب -مغني المحتاج للفقيه الخطيب الشربيني رحمه الله 1/33- على أنه لو انسدَّ مخرج الغائط وانفتح تحت معدته أي السُّرة، فخرج المعتاد يعني الغائط، فإنه ينقض الوضوء، وتبطل الصلاة في حالة الخروج، وأما إن كانت الفتحة لكيس النجاسة فوق السُّرة مع انسداد أو استئصال المخرج المعتاد، فلا ينقض الوضوء، ولا تبطل الصلاة، ويصير حكم الخارج حكم القيء، يعني: هو نجس، لكن لا ينقض الوضوء.
وعليه: فإنَّ المطلوب عند أداء الصلاة: تنظيف أو تغيير الكيس إن كان فيه نجاسة (الغائط ينقض الوضوء، أو القيء وهو غير ناقض)، فإنْ تعذَّر عليه ذلك، بأنْ كان خروج النجاسة لا يمكن ضبطه فحكمه حكم المعذور كمن به سلس بول. فإن أراد الوضوء فالواجب في هذه الحالة لتأدية الصلاة أن يفعل ما يلي:
1ــ أن يتوضَّأ لكلِّ وقت فرض صلاة.
2ــ أن ينظِّف الكيس أو يستبدله إن أمكن، فإن تعذَّر لاستمرار نزول النجاسة فإنه يُعْفَى عنه.
3ـ أن يكون الوضوء مباشرة بعد التنظيف إن أمكن، ضمن وقت الصلاة.
4ـ أن يصلِّيَ بعد الوضوء مباشرة دون انتظار، ما لم يكن -الانتظار- من مصلحة الصلاة،كانتظار صلاة الجماعة. ولا مانعَ من أن يصلِّيَ بهذا الوضوء النافلة، والفرض، والقضاء، في ذلك الوقت الذي توضأ فيه. فإذا تحقَّقت هذه الشروط فلا يضرُّ خروج النجاسة أثناء الوضوء أو الصلاة. فإذا دخل وقت صلاة أخرى وجب إعادة ما ذكرناه إذا حكمنا بنقض الوضوء بأنْ كان الثقب للكيس تحت السُّرة، وأما إن كان فوق السرة فقلنا إن خروج النجاسة لا ينقض الوضوء، وإنَّ لها -أي النجاسة- حكم القيء.
وأما بالنسبة للسؤال الثالث : وهو إعادة الصلاة بهذه الحالة، لا ليس عليه الإعادة، ولا يَصِّحُ الجمع بين الصلوات لهذا العذر .والله تعالى أعلم.
سؤال متمِّم لما تقدَّم: أشكركم شكراً جزيلاً، لكن أريد -أيضاً- معرفة هل على صاحب عذر سلس النجاسة، هل له أن يختصر من السُّنن في الصلاة، وأن لا يُطيل القراءة لما بعد الفاتحة، وهل تلزم الموالاة بين حصول الاستنجاء والشروع بالوضوء، في غير مذهب الشافعية؟
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
بالنسبة للسؤال الأول: لا حاجةَ للاقتصار على أركان الصلاة فقط، بسبب عذر خروج النجاسة، فيمكنه أداء صلاته كما يؤديها السليم، فهو صاحب عذر، لكن -كما قلنا- عليه أن يلتزم بالشروط التي ذكرناها، لكنْ إذا رغب بالاقتصار على أداء أركان الصلاة دون السُّنن فلا حرج.
وأما بالنسبة للسؤال الثاني: وهو الموالاة بين الاستنجاء والوضوء، فالذي نفتي به هو مذهب الشافعية وذهب بعض الحنابلة إلى عدم اشتراط الموالاة.
وأما بالنسبة للسؤال الثالث: فبخَّاخ الرَّبو مفطِّر عند الشافعية والحنفية، وذهب بعض المعاصرين إلى عدم التفطير، والاحتياط في العبادات المحضة مطلوب؛ لذلك قلنا: “ولْيمسك بقية النَّهار، وَلْيَقضِ ما فاته بعد رمضان”.
وأما بالنسبة للسؤال الرابع : ففتوى الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- بجواز الجمع تقديماً وتأخيراً للمريض لا مانعَ من العمل بها، لكن مسألتنا في المعذور بكيس النجاسة، قال الفقيه ابن قدامةَ المقدسيُّ الحنبليُّ -رحمه الله- في كتابه “المغني”: “والمرض الـمُبِيح للجمع هو ما يلحق به -بتأدية كلِّ صلاة في وقتها- مشقة وضعف”. انتهى. فإن كان يلحقه مشقة وتعب غير معتادَيْن فلا مانعَ من الأخذ بها، لكن يجدر التنبُّه إلى مسألة وضوء المعذور فإنه يكون عند أداء كلِّ فريضة عند الحنابلة وهم في ذلك كالشافعية، وإلا فإننا إنْ لم تلتزم بذلك نقع بالتلفيق بين المذاهب بصورة لا يقول بها أحد من المذاهب المعتبرة، وهذا ممنوع باتفاق الفقهاء الأربعة. والله تعالى أعلم.