هل يُدفن الجنين أو السِّقْطُ قبل بلوغه أربعة أشهر؟ وهل يشفع لوالديه؟

فتوى رقم 4709 السؤال: هل يُدفن الجنين أو السِّقْطُ قبل بلوغه أربعة أشهر؟ وهل يشفع لوالديه؟

الجواب، وبالله تعالى التوفيق :

بالنسبة للسؤال الأول: فقد نصَّ فقهاء الشافعية في كتبهم المعتمدة في الفتوى، كما في مغني المحتاج للإمام الخطيب الشربيني -رحمه الله- (1/ 349) أن السِّقط الذي لم يبلغ الأربعة أشهر، ولم يظهر خَلقُه أي لم تكتمل خِلقته، لا يُغسَّل ولا يكفَّن، ولا يُصلَّى عليه، ويُستحب أن يوضع في خِرقة -بأن يُلَفَّ في قطعة قماش- ويدفن، ولا يُشترط دفنُه في المقبرة.

وأما بالنسبة للسؤال الثاني: بدايةً، لا بدَّ من التنبيه على أنَّ المرأة الحامل التي سقط جنينها قبل بلوغه الأربعة أشهر- يعني لم يُنفخ فيه الروح- قد حلَّت بها مصيبة ، ولا شكَّ في أنها تؤجر على صبرها إن احتسبت الأجر عند الله تعالى، فالله عزَّ وجلَّ قال في القرآن الكريم: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ  الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) [سورة البقرة الآيات: 155-157]، وقال تعالى: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ) [سورة الزمر الآية: 10]. وروى البخاريُّ ومسلمٌ في صحيحَيْهما عن أبي سعيد الخدريِّ -رضي الله عنه- أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ، وَلاَ وَصَبٍ، وَلاَ هَمٍّ، وَلاَ حَزَن، وَلاَ أَذًى، وَلاَ غمٍّ، حتَّى الشَّوْكَةُ يُشَاكُها؛ إِلاَّ كفَّر اللَّه بهَا مِنْ خطَايَاه“. وفي رواية عند مسلم: “ما يُصيب المؤمنَ من شوكة فما فوقها إلا رفعه الله بها درجة، أو حَطَّ عنه بها خطيئة“. يقول الإمام النوويُّ -رحمه الله تعالى- في شرحه على صحيح مسلم: قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: “ما من مسلم يُشاك شوكةً فما فوقها إلا كُتبت له درجة ومُحيت عنه بها خطيئة” ـ وفي رواية: “إلا رفعه الله بها درجة، أو حَطَّ عنه بها خطيئة”، وفي بعض النسخ: “وحَطَّ عنه بها“، وفي رواية: “إلا كتب الله له بها حسنة، أو حُطَّتْ عنه بها خطيئة “ـ في هذه الأحاديث بشارة عظيمة للمسلمين، فإنه قلَّما ينفكُّ الواحد منهم ساعة من شيء من هذه الأمور، وفيه تكفير الخطايا بالأمراض والأسقام ومصائب الدنيا وهمومها وإن قلَّت مشقَّتُها، وفيه رفع الدرجات بهذه الأمور وزيادة الحسنات، وهذا هو الصحيح الذي عليه جماهير العلماء، وحكى القاضي عياض عن بعضهم أنها تكفِّر الخطايا فقط ولا ترفع درجة ولا تكتب حسنة. قال: ورُوي نحوُه عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: “الوجع لا يُكتب به أجر، لكنْ تكفَّر به الخطايا فقط”، واعتمد على الأحاديث التي فيها تكفير الخطايا ولم تبلغه الأحاديث التي ذكرها مسلم المصرِّحة برفع الدرجات وكَتْبِ الحسنات.” انتهى.

وننبِّه على أنه لا يوجد نصٌّ صريح في أن السِّقط الذي لم تُنفخ فيه الروح أنه يشفع لوالديه.

وعليه: فإنَّ للوالدين -خاصَّة الأم- الأجر على مُصابها في فَقْدِ جنينها، واحتسابها الأجر من الله تعالى. والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *