زوحي يتلفَّظ بألفاظ فاحشة على سبيل المزاح معي أو مع أصدقائه أكثر، وأحيانًا يسبُّ الدِّين ولكنه لا يكون يقصد الدِّين إنما هي كلمة درجت على لسانه، ماذا أفعل؟

فتوى رقم 4706 السؤال: السلام عليكم، زوجي شخص طيب وكريم ويؤدي الصلاة لكنه يتأخر فيها ويؤجِّلها، ويتلفَّظ بألفاظ فاحشة على سبيل المزاح معي أو مع أصدقائه أكثر، وأحيانًا يسبُّ الدِّين ولكنه لا يكون يقصد الدِّين إنما هي كلمة درجت على لسانه، ماذا أفعل؟ وما هي الفتوى الشرعية في حالتي هل بقائي معه حرام؟ هل أنفصل عنه؟ هو شخص طيب وكريم ويتحرَّى الدِّين في عمله ومعاملاته المالية ولكن عنده كثرة الألفاظ الفاحشة [الشوارعية]، وأحيانًا يسبُّ الدِّين علماً أن لديَّ طفل عمره سنتين.

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

بدايةً، أنت تقولين بأن عنده دين، يعني هو حريص على دينه، لكنه اعتاد أن يتكلَّم بتلك الكلمات والتي منها ما فيه سبٌّ للدِّين، ومنها الكلام البذيء الفاحش. أما ما يتعلق بسبِّ الدِّين فإذا كان الـمَقول لا يحتمل إلا الكفر، -حيث إن السؤال لم يذكر فيه نصُّ كلامه- فهذا أمر خطير جداً يجب أن تُبَيِّني له خطورة كلامه هذا، لكنْ إن كان فيه تصريح بسبِّ الدِّين فهذا كفر بإجماع المسلمين، ويترتب عليه رِدَّتُه، والرِّدَّةُ عند الشافعية تجعل عقد الزواج في حالة توقُّف؛ بمعنى: أنه لا يَحِلُّ للزوجة تمكين الزوج المرتدِّ منها إلى أن يعود إلى الإسلام قبل انقضاء مدة العِدَّة -فالعِدَّة تبدأ من حين وقوع الرِّدَّة-، فإذا انقضت مدة العِدَّة ولم يرجع إلى الإسلام ينفسخ حينئذٍ عقد الزواج، ولا يُعتبر ذلك طلاقًا. فالله تعالى قال في كتابه عن المستهزئ بالدِّين: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) [سورة التوبة الآيتان :65-66]. فما بالك بمن يتعمَّد سبَّ الدِّين، إذا كان سبُّ الوالدين من الكبائر فكيف بسبِّ الدِّين؛ ففي الصحيحين عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «من الكبائر شتمُ الرجلِ والدَيْه، قالوا: يا رسول الله، وهل يشتم الرجل والدَيْه؟ قال: نعم، يَسُبُّ أبا الرجل فيَسُبُّ أباه، ويَسُب أمَّه فيَسُبُّ أمَّه». فالواجب تذكيره بوجوب تعظيم الله تعالى، ومن تعظيمه تعظيمُ دينه، قال الله تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) [سورة آل عمران: 19]، قال الله تعالى: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [سورة الزمر الآية: 67]، أرشدنا النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى هذه الأمور؛ لئلا يصدر من الإنسان الشتمُ والسبُّ واللَّعن؛ ففي صحيح البخاريِّ عن أبي هريرةَ رضي الله عنه،: «أن رجلًا قال للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: أَوْصِني، قال: لا تغضب، فردد مرارًا، قال: لا تغضب، يقول الراوي: فنظرت فرأيت أن الغضب يجمع الشرَّ كلَّه». فإذا كان يقول هذا الكلام عند الغضب فالمطلوب منه أن يستعين بما يدفع عنه هذا الغضب. قال الله تعالى: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [سورة الأعراف الآية: 200]، وقال تعالى: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [سورة فصلت الآية: 36]، وروى البخاريُّ في صحيحه عن سليمانَ بنِ صُرَدٍ -رضي الله عنه- قال: “استبَّ رجلان عند النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فغضب أحدهما، فاشتدَّ غضبه حتى انتفخ وجهه وتغيَّر؛ فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «إني لأعلم كلمةً لو قالها لذهب عنه الذي يجد»، فانطلق إليه الرجل فأخبره بقول النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وقال: «تعوَّذ بالله من الشيطان».

وعليه: فالواجب نُصحه، وتنبيهه إلى خطورة سبِّ الدِّين، وتبيان ما يترتب على ذلك. والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *