لديها ورم خبيث، طلب الأطباء أخذ خزعة وعمل ناظور؛ ولكن يفقدها بكارتها، هل يجوز لها فعل ذلك؟
فتوى رقم 4623 السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أخت عندها شيء في الرحم يظنُّ الأطباء أنه ورم خبيث يحتاج عملية للاستئصال، وقال أحد الأطباء لا بدَّ من التأكُّد عبر أخذ خزعة من هذا الشيء وعمل هذا الناظور سيُفقدها بكارتها، فهل تعمل العملية بالظن، أو تتأكد وتفقد بكارتها؟ علماً أنها في الستين من عمرها.
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
فقد سئل عن ذلك فضيلة شيخ الأزهر جاد الحق علي جاد الحق -رحمه الله تعالى- فقال: “إنه قد صحَّ عن رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أنه تداوى وأمر بالتداوي؛ فقد روي عن أسامةَ بن شَرِيكٍ رضي الله عنه، قال: جاء أعرابي فقال: يا رسول الله أنَتداوى؟ قال: “نَعم، فإنَّ الله لم يُنزل داءً إلَّا أنزل له شفاءً؛ عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وجهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ” رواه أحمدُ في “مسنده” والبخاريُّ في “الأدب المفرد”، وصحَّحه ابن خزيمةَ والحاكم، وفي رواية لأبي داودَ وابن ماجه، والترمذيِّ وصحَّحه: “قَالَتِ الأَعْرَابُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا نَتَدَاوَى؟ قَالَ: نَعَمْ، يَا عِبَادَ اللهِ تَدَاوَوْا، فَإِنَّ اللهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلا وَضَعَ لَهُ شِفَاءً، إِلا دَاءً وَاحِدًا، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا هُوَ؟ قَالَ: الْهَـــرَمُ”. لما كان ذلك وكان الظاهر من السؤال أن الأطباء الذين تولَّوْا فحص السائلة قد قرَّروا لزومَ أخذ جزء من الأورام الداخلية بالرحم لتحليلها لمعرفة نوعها وتشخيص المرض -إن وُجد- وتحديد طرق العلاج كان على السائلة النزول عند رأيهم؛ لأنَّ من الضرورات في الإسلام المحافظة على النفس من التلف؛ ففي القرآن الكريم: (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) [البقرة: 195]، وقوله تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) [النساء: 29]. ولا شكَّ في أن إهمال العلاج هو من باب إهلاك النفس الإنسانية ومؤدٍّ إلى قتلها، وهو محرَّم ومنهيٌّ عنه شرعًا بهذه النصوص، وإذا تيسر وجود الطبيب المسلم كان أَولى، وإلا جاز ذلك للطبيب غير المسلم للضرورة، أو أخذًا بمذهب الإمام مالك -رحمه الله- الذي يُجيز العمل برأي الطبيب غير المسلم الثقة .ومن ثَمَّ فعلى السائلة المبادرة إلى إجراء هذا الفحص؛ حمايةً لنفسها من الهلاك، امتثالًا لأمر الله بالمحافظة على النفس في القرآن الكريم، وترخيص الرسول صلَّى الله عليه وآله وسلَّم في التداوي، بل وأمره به، وعليها أيضًا أن تُطلع أولياءَ أمرها على رأي الأطباء؛ ليكونوا على علم ودراية بسبب زوال غشاء البكارة، وأنه ضرورة علاج للمحافظة على صحتها، ولهم أن يباشروا معها كلَّ ذلك. والله سبحانه وتعالى أعلم. انتهى.
وننبِّه الأخت إلى أن يتمَّ أخذ الخزعة، من قِبل طبيبة مسلمة، فإنْ تعذَّر ذلك فلتكن طبيبة غير مسلمة، فإنْ تعذَّر فعند طبيب مسلم مع لزوم وجود مَـحْرَمٍ معها؛ كالأخ، أو ابن الأخ… وأن لا تكشف إلا عن الموضع وبقدْرِ الحاجة. والله تعالى أعلم.