؟ (buche de noel) ما حكم الأكل مما يُعرف بـ
السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ما حكم الأكل مما يُعرف بـ (buche de noel) فتوى رقم 4603 إذا ضيَّفوه في العمل؟
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
قبول الهدية من الكافر -ومنها الطعام- في يوم عيده -من غير حضور احتفالهم- لا حرجَ فيه، ولا يُعَدُّ ذلك مشاركة ولا إقرارًا بالاحتفال، وليس فيه إعانة لهم على شعائر كفرهم، بل تؤخذ هديَّتُهم على سبيل البِرِّ، وقَصْدِ التأليفِ والدعوة إلى الإسلام، وقد أباح الله تعالى البِرَّ والقِسْطَ مع الكافر الذي لم يقاتل المسلمين، فقال: (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [سورة الممتحنة، الآية: 8] لكنَّ البِرَّ والقِسْطَ لا يعني المودَّة والمحبة؛ إذ لا تجوز محبة الكافر ولا موادَّتُه، ولا اتخاذه صديقًا أو صاحبًا، وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [سورة المائدة الآية: 51]، إلى غير ذلك من الأدلَّة الدالَّة على تحريم مصادقة الكافر أو موادَّتَه.
وروى البخاريُّ ومسلمٌ في صحيحَيْهما من حديث أنس رضي الله عنه: «أنَّ أُكَيْدِرَ الكِنْدي، ملك دُومة الجندل أهدى النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم حُلَّة». وقد عَنْوَنَ الإمامُ البخاريُّ -رحمه الله تعالى- في صحيحه بقوله: “باب قبول الهدية من المشركين”. وقال الحافظ ابن حجر العسقلانيُّ الشافعيُّ -رحمه الله- في كتابه: “فتح الباري” عند عَنْوَنَةِ الإمامِ البخاريّ (باب قَبول الهدية من المشركين)، قال: “أي جواز ذلك ….” (5/272). وروى ابن أبي شيبةَ في مصنَّفه: “أن امرأةً سألت عائشةَ رضي الله عنها، قالت: إن لنا أظْآراً [جمع ظِئْر، وهي المــُرضِع لغير ولدِها] من المجوس، وإنه يكون لهم العيد فيُهدون لنا، فقالت: أمَّا ما ذُبح لذلك اليوم فلا تأكلوا، ولكن كُلوا من أشجارهم“. وروى أيضاً بسنده إلى أبي برزةَ الأسلميِّ رضي الله عنه: “أنه كان له سكان مجوس فكانوا يُهدون له في النيروز والمهرجان فكان يقول لأهله: ما كان من فاكهة فكُلوه، وما كان من غير ذلك فرُدُّوه”. وجاء في الموسوعة الفقهية (42/262)، جوازُ قبول هدايا الكفار للمسلمين عند الحنفية والشافعية.
وعليه: فلا مانعَ من قبول هذه الحلوى بشرط أن لا تتضمَّن ما هو محرَّم في ديننا كشيء من الخمر أو الـمُسكر، وهي تتضمَّن ذلك -غالباً- لذا فإنه يجب التأكُّد من خلوِّها من ذلك. والله تعالى أعلم.