هل السلام قبل الإمام مُبطل للصلاة؟

فتوى رقم 4512 السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هل السلام قبل الإمام مُبطل للصلاة عند المذاهب الأربعة؟ السؤال ضروري حيث أني طالب علم.

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

بدايةً، فالسلام عند جمهور الفقهاء -المالكية والشافعية والحنابلة- ركن من أركان الصلاة، وذهب الحنفية إلى أن السلام واجب من واجبات الصلاة، والمأموم إنْ سلَّم من الصلاة قبل إمامه، فإما أن يكون عامداً أو ساهياً، فإن كان عامداً فالذي عليه المالكية والحنابلة أن صلاته تَبطل، وأما الشافعية فاشترطوا لعدم البطلان في حالة العمد أن ينويَ مفارقة الإمام قبل السلام، ثم يسلِّم. وأما في حالة السهو فالذي عليه الشافعية والمالكية والحنابلة هو العودة إلى الصلاة ومن ثَمَّ التسليم، ولا شيء عليه،

قال العلَّامة الفقيه محمد عبد الله الجردانيُّ الشافعيُّ -رحمه الله تعالى- في كتابه: “فتح العلَّام بشرح مرشد الأنام” (2/425): “نعم، السَّبْقُ بالسلام يُبطلها، والسَّبْقُ بالتحرُّم يمنع انعقادها إن نوى الاقتداء بالتحرُّم” انتهى.

قال محمَّد الخطيب الشربيني -رحمه الله- في كتابه: “مغني المحتاج” (1/211): “(فلو ظنَّ سلامَه) أي: الإمام (فسلَّم) المأموم (فبان خلافُه) أي: خلاف ظنِّه، (سلَّم معه) أو بعده، وهو أَوْلَى؛ لأنه لا يجوز تقديمه على سلام إمامه..” انتهى.

وقال في “كشَّاف القناع” (1/465): “وإنْ سلَّم قبله عمداً بلا عذر تَبطل؛ لأنه ترك فرض المتابعة متعمِّدًا، ولا تَبْطل إن سلَّم قبل إمامه سهوًا، فيُعيده، أي: السلام بعد سلام إمامه؛ لأنه لا يخرج من صلاته قبل إمامه، وإن لم يُعِدْه بعده بَطلَتْ صلاتُه، لأنه ترك فرض المتابعة أيضاً” انتهى بتصرف.

وقال العلَّامة النفراويُّ المالكيُّ -رحمه الله تعالى-  في كتابه: “الفواكه الدواني شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني” (1/344): “وأما المأموم يسلِّم قبل إمامه لظنِّه سلامَ إمامِه فإنه ينتظر سلامَ إمامِه ويسلِّم معه ولا شيء عليه؛ حيث لم يحصل منه ما يُبطل صلاتَه؛ وإلا ابتدأها”. انتهى.

وقال العلَّامة الباجيُّ -رحمه الله- في كتابه “المنتقى شرح الموطأ” (2/82): “فإنْ سلَّم قبل إمامه عامداً بَطَلَتْ صلاتُه، وإن سلَّم ساهياً لم تَبْطُلْ صلاتُه، وحمل عنه الإمامُ سهوَه”. انتهى.

وأما السادة الأحناف فعندهم تفصيل في المسألة باعتبار أنَّ السلام في الصلاة من الواجبات وليس من الفرائض، قال العلَّامة الشُّرُنْبُلَالِيُّ الحنفيُّ -رحمه الله تعالى- في كتابه: “مراقي الفلاح شرح متن نور الإيضاح” (ص178) -وهو من كتبهم المعتمدة-: “وإنْ كان تركُه (الواجب) عمداً أَثِم، ووجب (عليه) إعادة الصلاة تغليظاً عليه (لجَبْرِ نَقْصِها) فتكون مكملة، وسقط الفرض بالأَوْلى، وقيل: تكون الثانية فرضاً، فهي الـمُسقَطة”. انتهى.

قال الفقيه الطحطاويُّ -رحمه الله- في حاشيته على “مراقي الفلاح شرح متن نور الإيضاح” (1/462): “فإن لم يُعِدْها حتى خرج الوقتُ سقطت عنه مع كراهة التحريم، هذا هو المعتمد.”انتهى. والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *