هل تجوز قراءة القرآن لمن كان على غير وضوء؟ وأرجو تبين كيفية سجود التلاوة؟ وهل يُستحب لمن يقرأ القرآن استقبالُ القِبْلة؟

فتوى رقم 4449 السؤال: هل تجوز قراءة القرآن لمن كان على غير وضوء؟ وأرجو تبين كيفية سجود التلاوة؟ وهل يُستحب لمن يقرأ القرآن استقبالُ القِبْلة؟

 الجواب وبالله تعالى التوفيق:

بالنسبة للسؤال الأول: لا يُشترط لقراءة القرآن الوضوء، بل يكفي الطهارة من الحدث الأكبر يعني الجنابة، ولكنْ يُشترط لمسِّ المصحف الطهارةُ الكاملة ومنها الوضوء.

وأما بالنسبة للسؤال الثاني: كيفيَّة سجود التلاوة، فسجود التلاوة مشروع، وحكمه: أنَّه مندوب إليه في الصلاة وخارجها عند تلاوة آية فيها سجدة، أو سماعها. وقد ثبتت مشروعيته بالسُّنَّة النبوية؛ فقد روى البخاريُّ ومسلمٌ في صحيحَيْهما، عن ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه «أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قرأ: (وَالنَّجْمِ) فسجد فيها، وسجدَ مَن كانَ معه» وفي الصحيحَيْن من حديث أبي رافعٍ، قال: صلَّيتُ مع أبي هريرةَ العَتَمة -أي: العشاء-فقرأَ: (إذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ) [سورة الانشقاق:1]، فسجد فيها، فقلتُ: ما هذه؟ فقال: سجدتُ بها خلف أبي القاسِمِ -صلَّى الله عليه وسلَّم-، فما أزالُ أسجدُ فيها حتَّى ألقاه». ويُشترط لصحتها ما يُشترط للصلاة: من طهارة بدن وثوب ومكان، وتوجُّه نحو القِبلة، وسترٍ للعورة. ويُسَنُّ أن يقول في سجود التِّلاوة هذا الدعاء الذي رواه أبو داودَ والترمذيُّ في سننَيْهما عن عائشةَ -رضي الله عنها-، قالت: «كانَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-يقولُ في سجودِ القُرآنِ: سجدَ وجهيَ للَّذي خلقَه، وشقَّ سمعَه وبصرَه بحَوْلِهِ وقوَّتِه، فتبارَكَ اللهُ أحسنُ الخالِقين». ولا حرجَ في أن يقول فيها: سبحان ربِّيَ الأعلى، كما في سجود الصلاة.

ونصَّ الإمام النوويُّ ـــ رحمه الله تعالى ـــ في كتابه “روضة الطالبين وعمدة المفتين” (1/322). على أنَّه: “يستحب أن يقول في سجوده: سجد وجهيَ للذي خلقه وصوَّره وشقَّ سمعه وبصره بحوله وقوته. وأن يقول: اللهم اكتب لي بها عندك أجرًا، واجعلها لي عندك ذخرًا، وضع عني بها وزرًا، وتقبَّلْهَا مني كما تقبَّلْتَها من عبدك داود عليه السلام. ولو قال ما يقول في سجود صلاته جاز، ثم يرفع رأسه مكبِّرًا، كما يرفع من سجود الصلاة”. انتهى.

وأما مواضع سجود التلاوة في القرآن الكريم: فخمسة عشر موضعًا: فالمتفق عليها عند الفقهاء: في سورة الأعراف، والرعد، والنحل، والإسراء، ومريم، والحجّ، والنَّمل، والسَّجدة، والفرقان، وفصِّلت. والمختلف فيها: السجدة الثانية في سورة الحجِّ الآية: 77؛ (الشافعية والحنابلة اعتبروها سجدة، خلافًا للحنفية والمالكية). وسجدة سورة ص (عند الحنفية والمالكية خلافًا للشافعية والحنابلة)، ومن المفصَّل سجدات “النجم، والانشقاق، والعلق” (عند الشافعية والحنفية والحنابلة خلافًا للمالكية). باختصار من الموسوعة الفقهية الكويتية (34 / 221، 216).

أما بالنسبة لأركان هذا السجود، فقد ذهب الشافعية إلى أن أركان سجود التلاوة -خارج الصلاة-: النية، وتكبيرة الإحرام، والسجدة -واحدة-والسلام. وأما في الصَّلاة فالنيَّة فقط في حقِّ الإمام والمنفرد، بخلاف المأموم فإنَّه يتبع إمامه. وإن شئت ـــ أخي السائل ـــ التفصيلَ أكثر يمكنك الرجوع إلى الكتب الفقهية المطوَّلة.

وأمــا بالنسبة للسؤال الثــــالث: فلا يُشترط التوجُّه للقبلة أثناء قراءة القرآن، لكنْ من الأدب أن يتجه القارئ إلى القِبلة. والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *