توفي وعنده زوجة وبنت وأم وأخ وأخت، كيف تقسم التركة؟ والزوج قد كتب لزوجته مهراً بالليرة اللبنانية، كيف يتم حسابه مع تدني سعر الليرة؟
فتوى رقم 4399 السلام عليكم، أخت توفي زوجها بعد أن أنجبت بنتاً بأربعة أيام، والده متوفىً من سنوات، وعنده أم وأخ وأخت، والده عنده أرض باسم أمِّه وأبيه المتوفَّى، ومنزل العائلة قد بناه الزوج المتوفَّى، فالزوجة تسأل عن مهرها وحقِّها وحقِّ ابنتها في الميراث؟ وجزاكم الله خيرًا، مع العلم أن المهر قد كُتب حيث كان الدولار ب ١٥٠٠ ل ل، وقدره ١٥ مليوناً، أفيدونا بالتفصيل، بارك الله بكم.
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
بدايةً، السؤال تضمَّن عدة مسائل:
المسألة الأولى: رجل مات، وترك زوجة، وبنتاً، وأمَّاً، وأخاً شقيقاً، وأختاً شقيقة. فالزوجة لها الثمن لوجود الفرع الوارث، قال الله تعالى: (فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ) [سورة النساء الآية:11]. وللبنت نصف التركة لانفرادها، قال الله تعالى: ( وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ..) [سورة النساء الآية: 11]. وللأم السُّدُسُ؛ لوجود الفرع الوارث، قال الله تعالى :(وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ) [سورة النساء الآية:11]. وللأخ الشقيق والأخت الشقيقة الباقي تعصيباً، لقول الله تعالى:(وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) [سورة النساء الآية: 176].
المسألة الثانية:(صداق) مهر الزوجة، فهو من الديون الواجب سدادها من تركة الميت (الزوج) قبل قسمتها على الورثة. وأما بالنسبة لمقدار المهر وهو خمسة عشر مليون ليرة، فيُرجع في إمكان زيادة تقدير قيمته إلى القاضي الشرعي.
المسألة الثالثة: (تحتاج إلى تفاصيلَ غيرِ موجودة في السؤال) بالنسبة للأرض التي بنى عليها الزوج بيتاً، فملكية الأرض للأم والأب معاً (كما في السؤال)، الأب مات والأم لا تزال على قيد الحياة، فيُنظر: هل الأب وهَبَ حصته من الأرض لابنه ليبنيَ عليها البيت، وهل الأم كذلك، أم أنهما أَذِنا للابن فقط بالبناء، ففي الحالة الأولى تكون الأرض والبناء من التركة، وفي الحالة الثانية يكون البناء فقط من تركة الزوج، وأيضاً حصة الأب المتوفَّى قبل الابن (الزوج) هي تركة ترث منه زوجته (الأم) وكذلك أولاده الذين هم أشقاء الزوج المتوفَّى (ذكوراً وإناثاً)، وكذلك الزوج لأنه من ضمن الورثة من حصة أبيهم.
وعليه: فإن المسألة الثالثة المتعلقة بالأرض والبناء، تحتاج إلى تفاصيلَ أكثرَ لتكون الفتوى بشأنها صحيحة ومطابقة للواقع، وننصح السائلة بأن تجتمع العائلة ويحدِّدوا الإجابات عما ذكرنا، خاصة مع الأم التي تملك جزءاً من الأرض، وأن يذهبوا بعدها إلى دار الفتوى قسم الشؤون الدينية ليعرضوا عليهم القضية مع كامل تفاصيلها. والله تعالى أعلم.
تنبيه: مسائل الميراث لها تفصيلات كثيرة تتعلَّق بحقوق الآخرين، فلا يمكن الاكتفاء فيها، ولا الاعتماد على مجرد فتوى أُعِدَّتْ طبقًا لسؤال وَرَد، بل لا بُدَّ من أن تُرفع المسائل إلى المحاكم الشرعية المختصَّة كي تنظر فيها وتحقِّق؛ فقد يكون ثمة وارث لم يطلع عليه السائل والمستفتى، وقد تكون وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علمَ للورثة بها، ومعلوم أن هذه الوصايا والديون مقدَّمة على حقِّ الورثة في المال، فلا ينبغي تقسيم التركة دون مراجعةٍ للمحاكم الشرعية، أو للمتخصِّصين إذا لم يكن ثمة محاكم شرعية، وذلك تحقيقًا لمصالح الأحياء والأموات.