هل الزوجة بعد الموت تصبح في حكم الأجنبية عن زوجها، فلا يغسلها؟ وهل يجوز أن ينظر إلى صورها من غير حجاب بعد موتها؟

فتوى رقم 4379 السؤال : السلام عليكم، هل الزوجة بعد الموت تصبح في حكم الأجنبية عن زوجها، فلا يغسلها؟ وهل يجوز أن ينظر إلى صورها من غير حجاب بعد موتها؟

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

بالنسبة للسؤال الأول: فإن تغسيل الزوج زوجته الميتة لا حرجَ فيه، وكذا تغسيل الزوجة زوجها، لحديث أمِّ المؤمنين عائشةَ رضي الله عنها، قالت: “رَجَعَ إلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى الله عليه وسلَّم  مِنْ جِنَازَةٍ بِالْبَقِيعِ وَأَنَا أَجِدُ صُدَاعًا فِي رَأْسِي وَأَقُولُ: وَارَأْسَاهُ، فَقَالَ: بَلْ أَنَا وَارَأْسَاهُ، مَا ضَرَّكِ لَوْ مِتِّ قَبْلِي فَغَسَّلْتُكِ وَكَفَّنْتُكِ، ثُمَّ صَلَّيْتُ عَلَيْكِ وَدَفَنْتُكِ“. رواه الإمام أحمدُ في مسنده، وابن ماجه في سننه، ولحديث أسماءَ بنتِ عُمَيْسٍ رضي الله عنها: “أَنَّ فَاطِمَةَ رضي الله عنها أَوْصَتْ أَنْ يُغَسِّلَهَا عَلِيٌّ رضي الله عنه”. رواه الدارقطنيُّ في سننه، والبيهقيُّ في السنن الكبرى (3/396). قال الإمام النوويُّ ـــ رحمه الله ـــ في كتابه: “المجموع شرح المهذَّب” (5/122): “وأما غَسْلُه زوجته فجائز عندنا، وعند جمهور العلماء، حكاه ابن المنذر عن علقمةَ وجابرِ بن زيدٍ وعبدِ الرحمن بن الأسود… ومالكٍ والأوزاعيِّ وأحمدَ وإسحاقَ، وهو مذهب عطاء وداودَ وابن المنذر. وقال أبو حنيفةَ والثوريُّ: ليس له غَسْلُها، وهو رواية عن الأوزاعيِّ واحتُجَّ لهم بأن الزوجية زالت فأشبه المطلقة البائن”. انتهى، وقال رحمه الله تعالى(5/114): “نقل ابن المنذر في كتابَيْهِ “الإشراف” و”الإجماع” أن الأمَّة أجمعت على أن للمرأة غَسل زوجها، وكذا نقل الإجماعَ غيرُه..” انتهى.

وننبِّه على أنه  يجب على المـُغَسِّل غضُّ بصره عن العورة  وعدم مسِّها إلا بحائل لحاجة، والعورة بالنسبة للزوج الميت، أو الزوجة المتوفاة هي ما بين السُّرة والرُّكبة، قال الفقيه الخطيب الشربيني ــ رحمه الله ــ في كتابه “مغني المحتاج” (1/332): ” وكالـمَحْرم فيما ذُكر ـــ النظر والمس للعورة ـــ الزوجان بل أولى”. انتهى.

وأما بالنسبة للسؤال الثاني: فهو مبنيٌّ على السؤال الأول، فلا مانعَ مِنْ أنْ ينظر إلى صورة زوجته المتوفاة، سواء كانت بالحجاب أم بغير حجاب، طالما أنَّ ما بين السرة والركبة مستور. قال الفقيه الخطيب الشربيني ـــ رحمه الله ـــ في كتابه “مغني المحتاج” (3/134): “وأما نظر كلٍّ منهما، الزوجان إلى الآخر بعد الموت، فهو كالـمَحْرَم.”انتهى.

وعليه: فجواز نظر كلٍّ منهما ـــ أي الزوجين ـــ إلى الآخر بعد الموت؛ حقيقةً، أو من خلال الصورة، مشروط بأن يكون ذلك بلا شهوة، إذا كان ما بين السُّرَّة والرُّكبة مستوراً، وإلا بأنْ كان ما بين السُّرَّة والرُّكبة مكشوفاً، فيَحْرُمُ مطلقاً؛ بشهوة، أو بغير شهوة.  والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *