ما حكم من يلعب قِماراً على الإنترنت لاستعادة ماله الذي خسره في القمار سابقاً، وبعدها يريد أن يتوقف عن اللعب بمجرد أن يستعيد ماله؟
فتوى رقم 4373 السؤال: ما حكم من يلعب قِماراً على الإنترنت لاستعادة ماله الذي خسره في القمار سابقاً، وبعدها يريد أن يتوقف عن اللعب بمجرد أن يستعيد ماله؟
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
يحرم القمار أيًّا كانت النية، ومن تلبيس إبليس على الإنسان أن يقول له: قامِر حتى تستردَّ ما خسرته. قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ) [سورة المائدة، الآيتان:90، 91].
واعلم ـــ أخي السائل ــ أن كسب القمار كسب حرام لِعَيْنِهِ ــ يعني: من شروط التوبة التخلُّص من مال القمار ــــ، ولو كانت النية استرداد ما خسرته، فقد جاء في الموسوعة الفقهية (39/407): “مَا يَكْسِبُهُ الْمُقَامِرُ هُوَ كَسْبٌ خَبِيثٌ، وَهُوَ مِنَ الْمَال الْحَرَامِ مِثْلُ كَسْبِ الْمُخَادِعِ وَالْمُقَامِرِ، وَالْوَاجِبُ فِي الْكَسْبِ الْخَبِيثِ تَفْرِيغُ الذِّمَّةِ مِنْهُ بِرَدِّهِ إِلَى أَرْبَابِهِ إِنْ عُلِمُوا وَإِلاَّ إِلَى الْفُقَرَاءِ .” انتهى.
روى البخاريُّ في صحيحه عن خولةَ بنتِ عامرٍ الأنصارية، وهي امرأةُ حمزةَ رضي الله عنهما، قالت: سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: “إن رجالًا يَتخوَّضونَ في مال الله بغير حقٍّ، فلهم النارُ يوم القيامة”. “يَتخوَّضونَ” أي: يتصرفون بغير حق.
وعليه: فلا يَحِلُّ لك الاستمرارُ بالمقامرة ولو عبر النت، بحجة استرداد الخسارة السابقة، فالمال الناتج عن القمار مال خبيث حرام؛ فقد روى الترمذيُّ في سننه عن كعب بن عُجْرَةَ رضي الله عنه، أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: “إِنَّهُ لَا يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إِلَّا كَانَتِ النَّارُ أَوْلَى بِهِ“، وفي رواية الطبرانيِّ قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم:”كُلُّ جَسَدٍ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِه”. والله تعالى أعلم.