رجل شديد الغَيْرَةِ على زوجته، حتى أثناء تأديتها المناسك الحجِّ! فهو يعتقد أنه قد يلامسها رجال كثير هناك بسبب التزاحم، ويقول: إنه إن سمح لها بأداء مناسكها فقد يكون في حكم الدَّيُّوث! فهل له أن يمنعها من ذلك، بسبب غَيرته المفرطة؟! وهل يجوز أن يصفَ نفسه بالدِّياثة إنْ أَذِنَ لها بذلك؟!
فتوى رقم 4371 السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، رجل شديد الغَيْرَةِ على زوجته، حتى أثناء تأديتها المناسك الحجِّ! فهو يعتقد أنه قد يلامسها رجال كثير هناك بسبب التزاحم، ويقول: إنه إن سمح لها بأداء مناسكها فقد يكون في حكم الدَّيُّوث! فهل له أن يمنعها من ذلك، بسبب غَيرته المفرطة؟! وهل يجوز أن يصفَ نفسه بالدِّياثة إنْ أَذِنَ لها بذلك؟! جزاكم الله خيراً.
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
الغَيْرة خُلق محمود، لكن المبالغة فيها يجعلها مذمومة، وقوله: إنه إنْ سمح لها بالحج سيكون دَيُّوثاً، فهذا شيء عجيب!! وفهم سقيم، وانحراف عن الإسلام السليم، وما يدَّعيه الزوج خطير جداً على مستوى فهمه للدِّين وعبادة الحج، ولمن يذهب للحج؛ سواء كانوا رجالاً، أو نساء، فهو يُسيء الظن بحجاج بيت الله الحرام، وهذه ــ منفردةً ــ معصيةٌ وكبيرة من الكبائر التي يجب على المسلم أن يبتعد عنها، وحاشا عبادة الحج أن يكون فيها ملامسة الرجل الأجنبي لجسد امرأة مسلمة، فهذا لا يحدث إلا نادراً جداً من قِبَلِ بعض جهلة الحجَّاج، لذا وجب على مَن يُريد الحجَّ أن يتعلم أحكامه قبل ذهابه، وأن يسافر مع رفقة ثقات مأمونين.
وعليه: فوصف الزوج الذي يغار على زوجته نفسه بالدِّياثة إذا سمح لها بالذهاب إلى الحج، وصف محرَّم يرتكب به إثماً كبيراً، فليتق الله تعالى فيما يقول، فإن المرء مؤاخذ بما يتكلم به.
وأما بالنسبة لمنع الزوج زوجته من أداء حجة الفرض، إذا لم يكن معها مَحْرَمٌ، نعم يمكن للزوج منع زوجته في تلك الحالة، لأنها لم تستوفِ شروط الوجوب، فإن وجدت المـَحْرَمَ ـــ كالابن أو الأخ ـــ وجب عليها الحجُّ، وَيَحِقُّ للزوج منعها من السفر في هذه الحالة لأداء الحج ولو كان فرضاً، وذلك في المفتى به عند الشافعية،كما في كتاب: “مغني المحتاج” للخطيب الشربيني رحمه الله (1/468)، خلافاً لجمهور أهل العلم ــ من الحنفية والمالكية والحنابلة ـــ بأنه لا يَحِقُّ له منعها إذا استوفت شروط الوجوب ، والتي منها وجود المـَحْرم.
وعليه: فننصح الزوج بعدم منع زوجته من الذهاب للحج، طالما أنها استوفت الشروط، إلا إذا كان في سفرها هذا ضرر على بيته وأولاده في حالة غيابها مدة سفرها. والله تعالى أعلم