هل يَصِحُّ الصيام عن المتوفَّى؟

فتوى رقم 4276 السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هل يَصِحُّ الصيام عن المتوفَّى؟

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

المسألة فيها تفصيل، تبعًا لحال الميت قبل وفاته .روى البخاريُّ ومسلمٌ في صحيحَيْهما عن أمِّ المؤمنين عائشةَ رضي الله عنها، أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: “مَن مات وعليه صيام صام عنه وليُّه”.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: “جاء رجل إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: يا رسول الله إن أمِّي ماتت وعليها صومُ شهرٍ، أفأصوم عنها؟ قال: أرأيتَ لو كان على أمِّك دَين أكنتَ قاضيه؟ قال: نعم، قال: فدَين الله أحقُّ أنْ يُقْضَى”. وفي رواية قال: “جاءت امرأة إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقالت: يا رسول الله إن أمِّي ماتت وعليها صوم، أفأصوم عنها؟ قال: أرأيتِ لو كان على أمِّك دَين فقضيتِه كان يؤدي ذلك عنها؟ قالت: نعم، قال: فصومي عن أمِّك”. متفق عليه.ونصَّ الإمام النوويُّ الشافعيُّ – رحمه الله تعالى – في كتابه: “المجموع شرح المهذَّب” (6/368 و 369)، قال: (قال أصحابنا: “مَن مات وعليه قضاء رمضانَ أو بعضِه فله حالان:

أحدهما: أن يكون معذورًا في تفويت الأداء ودام عذرُه إلى الموت؛ كمن اتصل مرضه، أو سفره، أو إغماؤه، أو حيضُها، أو نفاسها، أو حملها، أو إرضاعها -ونحو ذلك- بالموت لم يجب شيء على وَرَثته ولا في تَرِكَتِه، لا صيام ولا إطعام. وهذا لا خلاف فيه عندنا، ودليله ما ذكره المصنِّف من القياس على الحجِّ.

الحال الثاني: أن يتمكَّن من قضائه، سواء فاته بعذر أم بغيره، ولا يقضيه حتى يموت، ففيه قولان مشهوران: أشهرهما وأصحُّهما عند المصنِّف والجمهور وهو المنصوص في الجديد: أنه يجب في تَرِكَتِه لكلِّ يومٍ مُدٌّ من طعام ولا يَصِحُّ صيام وليِّه عنه.. والثاني: وهو القديم – وهو الصحيح عند جماعة من محقِّقي أصحابنا، وهو المختار- أنه يجوز لوليِّه أن يصوم عنه، ويَصِحُّ ذلك ويُجزئه عن الإطعام وتبرأ به ذمة الميت، ولكن لا يلزم الوليَّ الصوم، بل هو إلى خِيَرَتِه… إلى أن قال: (قلت: الصواب الجزمُ بجواز صومِ الوليِّ عن الميت سواء صوم رمضان والنذر وغيره من الصوم الواجب، للأحاديث الصحيحة السابقة، ولا معارضَ لها، ويتعيَّن أن يكون هذا مذهب الشافعي؛ لأنه قال: إذا صحَّ الحديث فهو مذهبي، واتركوا قولي المخالفَ له. وقد صحَّت في المسألة أحاديثُ كما سبق. انتهى.

وملخَّص المسألة:

ــ إما أن يكون الميت معذورًا في تركه تأدية الصوم وقضائه، ثم دام عذره إلى الوفاة، فهذا لا يجب شيء على ورثته ولا في تركته، لا صيام ولا إطعام.

ــ وإما أن يتمكَّن من قضائه ولكن فاته القضاء -بعذر أو بغيره- ولم يقضه حتى مات، فهذا يجوز لوليِّه -ولا يلزمه- أن يصوم عنه، ويَصِحُّ ذلك منه ويُجزئه عن الإطعام، وتبرأ به ذمة الميت، ويمكنه أن يُطعم عن كلِّ يوم مدًّا، وهو ما يقارب 600 غرام من غالب قوت أهل البلد؛ (كالفول، والعدس، والأرز…) والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *