أنا أعيش في رومانيا وأريد شراء منزل عن طريق البنك؛ بحيث يوجد في البنك هنا انه يدفع 80%من ثمنه وتدفع أنت بالتقسيط على مدة ٣٠ عامًا، وهناك زيادة بمقدار 3% إلى 5%، فهل هذا داخل في الرِّبا؟
فتوى رقم 4247 السؤال: السلام عليكم، أنا أعيش في رومانيا وأريد شراء منزل عن طريق البنك؛ بحيث يوجد في البنك هنا انه يدفع 80%من ثمنه وتدفع أنت بالتقسيط على مدة ٣٠ عامًا، وهناك زيادة بمقدار 3% إلى 5%، وفي السنوات الخمس الأولى لا تستطيع التصرُّف في المنزل إلا للمعيشة، فهل هذا داخل في الرِّبا؟
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
ما ذكرته في سؤالك عن القرض من البنك في رومانيا لشراء مسكن بزيادة نسبة 3% إلى 5% على المبلغ المـُقترَض، هو قرضٌ ربوي لا يَحِلُّ؛ لقول الله تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) [سورة البقرة الآية: 275]، وللأحاديث النبويَّة الواردة في حرمة الرِّبا،
منها: ما رواه ابن أبي شيبةَ في مصنَّفه عن ابن سيرين – رحمه الله – قال: “أقرض رجل رجلًا خمسمائة درهم واشترط عليه ظَهْرَ فرسِه، فقال ابن مسعود رضي الله عنه: ما أصاب مِن ظَهْرَ فَرَسِه فهو ربًا”،
ومنها: ما رواه أيضًا ابن أبي شيبةَ عن زِرِّ بن حبيش قال: قال أُبَيّ: “إذا أقرضت قرضًا وجاء صاحب القرض يحمله ومعه هدية فخذ منه قرضه ورُدَّ عليه هديَّتَه”،
ومنها: ما رواه عبد الرزاق في مصنَّفه عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: “إذا أسلفتَ رجلًا سلفًا فلا تقبلْ منه هَدِيًّةَ كُرَاعٍ (ما دون الكعب من الدابة)، ولا عَارِيةَ رُكُوبٍ دابَّة”.. وقد نقل ابن المنذر إجماعَ العلماء على ذلك فقال: “أجمعوا -على أن المسْلِفَ إذا اشترط على المسْتَسْلِفَ زيادةً أو هدية فأسلف على ذلك – أَنَّ أَخْذَ الزيادة على ذلك ربًا.
واعلم -أخي السائل- أنه إذا كان المسكن بالنسبة لك ضرورة أو حاجة مُلِحَّة ولم يكن ثمة بديل؛ ــ كـقرض شرعيٍّ أو عقدِ مرابحة (أن يشتري شخص البيت ثم يبيعك إياه، مع زيادة ربح له وبالتقسيط)، أو بأن تستأجر بيتًا، فإذا لم يكن ثمة بديل شرعي جاز الاقتراض من البنك الربوي، لما قرره الفقهاء من أن الحاجة قد تنزَّل منزلة الضرورة. والحاجة هي التي إذا لم تتحقق يكون المسلم في حرج شديد وإن كان يستطيع أن يعيش، بخلاف الضرورة التي لا يستطيع أن يعيش بدونها، والله تعالى رَفَعَ الحرجَ عن هذه الأُمَّة بنصوص القرآن، كما في قوله تعالى: (مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) [سورة الحج الآية: 78]، وفي قوله تعالى: (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ) [سورة المائدة الآية: 6]، والمسكن الذي يدفع عن المسلم الحرج هو المسكن المناسب له في موقعه وفي سعته وفي مرافقه، بحيث يكون سكنًا حقًّا.واعلم أن ضابط هذه القاعدة، هي: أن ما أُبيح للضرورة فإنه يُقَدَّرُ بقَدْرها، بالتالي فإنه يأخذ بمقدار ما يحقِّق له هذه الحاجة الملِحَّة. والله تعالى أعلم.