هل يجوز تعجيل الزكاة لتمويل إقامة سكن للسوريين المتضرِّرين من الزلزال؟ وهل يجب التأكُّد إذا كان السكن دائماً أو مؤقتاً (مبنًى أو خيمة مثلاً)؟

فتوى رقم 4223 السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هل يجوز تعجيل الزكاة لتمويل إقامة سكن للسوريين المتضرِّرين من الزلزال؟ وهل يجب التأكُّد إذا كان السكن دائماً أو مؤقتاً (مبنًى أو خيمة مثلاً)؟

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

فقد نصَّ جمهور الفقهاء ــ الحنفية والشافعية والحنابلة ــ على جواز تعجيل الزكاة قبل ميعاد وجوبها. قال العلَّامة شهاب الدين أحمد الرمليُّ الشافعي – رحمه الله – في كتابه: “نهاية المحتاج”(3/ 141): “يجوز تعجيلها في المال الحَوْلِيِّ قبل تمام الحول فيما انعقد حولُه ووُجد النصابُ فيه؛ لأنه صلَّى الله عليه وسلَّم أَرْخَصَ في التعجيل للعباس. رواه أبو داودَ والحاكم وصحَّح إسناده، ولأنه وجب بسببين فجاز تقديمه على أحدهما كتقديم الكفارة على الحِنْث. وشَرْطُ إجزاءِ ذلك – أي وقوع المعجَّلِ زكاةً – بقاءُ المالك: صاحبِ المال أهلًا للوجوب عليه إلى آخر الحول، وبقاء المال إلى آخره أيضًا؛ فلو مات، أو تلف المال، أو خرج عن ملكه – ولم يكن مال تجارة – لم يُجْزِه المعجَّل، كما يُشترط كون القابض لها – الفقير – في آخر الحول مستحقًا؛ فلو مات قبله، أو ارتد لم يُحسب المدفوع إليه عن الزكاة؛ لخروجه عن الأهلية عند الوجوب”. انتهى بتصرف يسير.
وننبِّه: على أن الشرط الأول وارد في الزكاة العينية، أما عروض التجارة فيجوز فيها التعجيل قبل بلوغ – مال التجارة – النصاب؛ لأن النصاب فيها معتبرٌ آخرَ الحول. قال الفقيه الخطيب الشربينيُّ الشافعيُّ – رحمه الله – في كتابه: “مغني المحتاج” (2/ 132): “خرج بالعينية: زكاةُ التجارة، فيجوز التعجيل فيها، بناءً على ما مرَّ من أن النصاب فيها يُعتبر آخرَ الحول، فلو اشترى عَرَضًا قيمتُه مائة فعجَّل زكاة مائتين، أو قيمتُه مائتان فعجَّل زكاة أربعمائة، وحال الحول وهو يساوي ذلك، أجزأه”. انتهى.

وعليه: فلا مانعَ من أن تُخرج زكاةَ مالِك معجَّلة، والأفضل أن تُخبِر الفقير الذي ستدفع له الزكاة؛ لأنه إذا أصبح غنيًا في نهاية الحول فقد تبين أنه غير مستحق للزكاة فيجب إذا أخبرته أن يُعيد المال – الزكاة – إليك لتدفعها إلى مستحق. وأما بالنسبة لنقلها من بلد الزكاة إلى بلد آخر فقد جاء في الموسوعة الفقهية (23/331): أن الفقهاء اتفقوا على أن الزكاة يجب نقلها إذا فاضت عن حاجة أهل بلد الزكاة، وأما إذا كان أهل البلد بحاجة إليها فالذي عليه جمهور الفقهاء ــ المالكية والشافعية والحنابلة ـــ على عدم جواز نقلها طالما أن أهل البلد بحاجة إليها، وأجاز الحنفية وبعض الشافعية نقلَها إلى بلد آخرَ لمسيس الحاجة من أهل بلد الزكاة.

وعليه: فلا مانعَ من نقل الزكاة إلى المسلمين في سوريا، خاصة الشمال السوري الذي تضرر بالزلزال، وهذا كلُّه مشروط بما تقدَّم.

وننبِّه على أنه لا يجوز التصرُّف بمال الزكاة من جهة المـُخْرِجِ لها، ولا الوكيل بالإخراج، ويدخل في ذلك توكيل الجمعيات. والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *