شخص مقيم في بلد أوروبي، وهو يعمل في نقل لحوم مذبوحة على غير الطريقة الإسلامية ــ ميتة ــ إلى المطاعم ليأكلها الناس من مسلمين ونصارى، فما حكم عمله، والراتب الذي يأخذه؟

فتوى رقم 4209 السؤال: شخص مقيم في بلد أوروبي، وهو يعمل في نقل لحوم مذبوحة على غير الطريقة الإسلامية ــ ميتة ــ إلى المطاعم ليأكلها الناس من مسلمين ونصارى، فما حكم عمله، والراتب الذي يأخذه؟


الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

بدايةً، فإنَّ ذبائح أهل الكتاب -أي اليهود والنصارى- في الأصل حلال، وقد دلَّ على ذلك الكتاب والسُّنَّة وإجماع العلماء، قال الله تعالى: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ..) [سورة المائدة الآية:5]. وهذا الحِلُّ مشروط بطريقة الذبح المعروفة التي هي قطع الحلقوم والمريء والوَدَجَيْن أو أحدهما،

وأما ما أَزهقوا روحَه بطريقة أخرى كالصَّعق الكهربائيِّ والخنق ونحو ذلك فهو ميتة لا يَحِلُّ أكلُه؛ لقول الله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ..) [سورة المائدة الآية: 3]، وحكم ذبائحهم – في هذا – كحكم ذبائح المسلمين، إذا لم يعمدوا إلى الذبح المشروع. فإذا كانت ميتة، حَرُمَ إيصالها ونقلها إلى الناس ليأكلوها؛ لأن ما حَرُمَ أكله وبيعه كالميتة، حَرُمَ نقله إلى الناس ليأكلوه؛ لحديث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: “إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ”. رواه البخاريُّ ومسلم في صحيحَيْهما، ولأن في ذلك إعانة على الإثم والعدوان، قال الله تعالى: (… وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [سورة المائدة الآية: 2].

وعليه: فالقيام بهذا العمل محرَّم، وأخذُ أجرةٍ عليه كذلك محرَّم، لكنْ إنْ كان العامل مُضطراً إلى هذا العمل الذي يتضمّن نقل لحم ميتة، لحاجة المأكل والمشرب والمسكن فلا مانعَ منه، لقوله تعالى: (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [سورة البقرة الآية: 173]، وليحاول أن يجتنب نقل الميتة ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، قال الله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ..) ]سورة التغابن الاية:16[، ولحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول:”مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ، فَاجْتَنِبُوهُ، وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ وَاخْتِلَافُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِم”. رَوَاهُ البُخَارِي ومُسْلِم،

ويجب عليه السعيُ والبحث عن عملٍ غيره خالٍ من المحرّمات، وعندما يجد عملاً يخلو من المحرَّمات يجب عليه ترك العمل الذي ذكرته. والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *