الاتحاد.. غرسٌ وأمل
صحيح أنَّ النجاح مبدؤه رؤية مبنيّة على حُسنِ تخطيط، وإتقانِ تنفيذ، إلاّ أننا في جمعية الاتحاد الإسلاميّ مع كوننا نبذل قُصارى جهدنا في الأخذ بأسباب النجاح كافّة، إلاّ أنّ المبدأ عندنا كما المنتهى: تمام الثقة بحُسنِ توفيق الله لنا.
تلك الثقة بها غرسنا، وفي هديها سِرْنا، وبها نستمر.
ثلاثة عقود انقضت والجمعية تحشد الطاقات، وتوظِّف الكفايات، وتُنَمّي الخبرات، وتطوِّر الأداء، مُواجِهةً بذلك عقبات كثيرة وتحدِّيات، فاستطعنا -بعون الله- تجاوزها وتحقيقَ إنجازاتٍ مشهودة، ولا زِلنا نستشرفُ آفاق المستقبل، طامحين إلى المحافظة على المنجزات، ساعين بجِدّ إلى تحقيق المزيد.
إنَّ مأسسة العمل الإسلاميّ هي من شُغلنا الشاغِل، لنمثِّل -واقعاً- تجربةً دعويةً متقدِّمةً في نجاحها: تحقِّق هُويَّة المسلم، وتعمل على تجديد وعيه، بطريقٍ يُوائِمُ بين البُعد الحضاريِّ للإسلام ومقتضيات العصر. وإنَّ الجمعية تسعى إلى تطبيق ذلك في المستويات كافَّة: الشرعية، والدعوية، والتربوية، والتعليمية، والإعلامية، والخيرية، والاجتماعية، كهيكلٍ متشابكٍ متعاونٍ متين بتضافر مؤسساته، فمن صَرْحِ العمل الدعويّ رجالاً ونساءً، إلى دُورِ القرآن الكريم -حفظاً وتلاوةً وتدبّراً- بمراكز عمَّت ستَّ مناطق في لبنان، تخرَّج فيها مئاتٌ من أهل القرآن ما بين حافظ وجامع، إلى خدمةٍ متميّزةٍ للفتوى تجعلُ المسلم على بيّنة من أحكام دينه، إلى لجنةٍ للدعوةِ والتعليم الشرعيّ، وعالَم للناشئةِ يبذُل جهداً تربويّاً ويبثُّ فيهم فكراً صحيحاً لينأى بهم عن منحى التغريب ودعاوي الانحراف، إلى مدرسة (الحياة) الدولية، وهي صرحٌ يستشرف آفاقَ علمٍ حديث ويحفظُ أركان قِيَمٍ أصيلة، إلى تجربةٍ فريدة: منتدًى يُعرِّف بهذا الدِّين، ويعزِّز حوارًاً بين الثقافات، متوسِّلاً إلى هداية المنصفين من أهلِها، ومنتدًى للشباب يوجِّه طاقاتِهم ويُعمِل مواهبَهم، إلى (إشراقاتٍ) مجلَّةٍ فكرية – دعوية هي منبرٌ للمسلم المعاصر، إلى عملٍ إنسانيٍّ إغاثيٍّ خيريٍّ متمثِّلٍ بمؤسسة (نماء)، وقد أغاثت آلافاً، ولا تزال تُغیث-بحملات متكرِّرة- إخوةً لنا مُعوزين، ومنكوبين، ونازحين. ولشقائقنا (النساء) نصيبٌ بارز في مسيرتنا، فهنَّ يواكِبن مؤسسات الجمعية بفعالية، ولهنَّ لجنة (حنايا) يقدِّمن فيها فكرًا واعيًا يُبيّن موقع المرأة في الإسلام بالإضافة إلى استشاراتٍ أُسرية، ومعالجات تهتمّ بالأطفال.
ونحن نرجو أن نكون متمثّلين قول النبي صلى الله عليه وسلم: “إنْ قامت الساعة وفي يد أحدكم فَسِيلةً، فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسَها فليغرسْها”.
بَيْدَ أنّنا لا نغرس غرساً ولكن نغرس أملاً وإنسانًا.
نحنُ لكم، وبدعمكم يستمرُّ الغرس ويُشرق الأمل.