حامل في الشهر الأول، وتريد إسقاط الجنين بسبب الوضع الاقتصادي الصعب
الفتوى رقم 3996 السؤال: السلام عليكم، أختٌ تسأل: هل يجوز لها أن تُسقط الجنين وهي الآن حامل في الشهر الأول؟ وزوجها ليس لديه مانع لتسقطه، حيث إنها تعاني من فقر دم، وعندها أربعة أطفال، والوضع الاقتصادي لا يسمح بوجود طفل خامس؟
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
أجمع العلماء على حُرمة إسقاط الجنين بعد نفخ الروح فيه، إلا إذا تُيُقِّنَ أنه يتسبَّب في وفاة الأم. واختلف العلماء في جواز ذلك قبل التخليق بنفخ الروح: أي: قبل مرور مائة وعشرين يومًا على الحمل؛ فأكثر العلماء على منعه إلا إذا كان ثمة ضرورة تُوجب الإسقاط، وهذا يجب أن يكون برضى الزوج والزوجة.
أما صورة المسألة التي تسألين عنها وهو الإسقاط قبل بلوغ الحمل أربعين يومًا؟ فقد اختلف الفقهاء في حكم الإجهاض قبل الأربعين يومًا، فذهب جماعة من الحنفيَّة -وهو المفتى به عند الشافعيَّة والحنابلة- إلى جوازه. قال ابن الهُمام الحنفيُّ -رحمه الله- في “فتح القدير” (3/401): “وهل يُباح الإسقاط بعد الحَبَلَ؟ يُباح ما لم يتخلَّق شيء منه، ثم في غير موضعٍ، قالوا: ولا يكون ذلك إلا بعد مائة وعشرين يومًا، وهذا يقتضي أنهم أرادوا بالتخليق نفخ الروح وإلا فهو غلط؛ لأن التخليق يتحقق بالمشاهدة قبل هذه المدة”. انتهى.
وقال الرَّمليُّ الشافعيُّ -رحمه الله- في “نهاية المحتاج” ( 8/443): “الراجح تحريمُه بعد نفخ الروح مطلقًا، وجوازه قبله”. اهـ. وقال الفقيه القليوبيُّ الشافعيُّ في “حاشيته على شرح المحَلِّي على المنهاج” (4/160): “نعم، يجوز إلقاؤه ولو بدواء قبل نفخ الروح فيه، خلافًا للغزالي”. اهـ. وقال الفقيه المرداويُّ الحنبليُّ -رحمه الله- في كتابه “الإنصاف” (1/386): “يجوز شرب دواء لإسقاط نطفة. ذكره في “الوجيز”، وقدَّمه في “الفروع”، وقال ابن الجوزيِّ في “أحكام النساء”: يَحْرُم. وقال في “الفروع”: وظاهر كلام ابن عقيل الحنبليِّ -رحمه الله- في “الفنون”: أنه يجوز إسقاطه قبل أن ينفخ فيه الروح، وقال: وله وجه”. انتهى.
بناء عليه: فإن كانت حالتك الصحية –فقر الدم- بحكم طبيبٍ ثقة، تستدعي إسقاطًا، جاز ذلك مطلقًا قبل أربعين يومًا، بشرط قَبول الزوج بذلك، وهذا متحقِّق كما ذكرت. والله تعالى أعلم.
تنبيه: إن وجود أربعة أطفال، وضيق المعيشة لا يسوِّغ بحالٍ إسقاطَ الجنين –ولو قبل أربعين يومًا- فالرزق آتٍ لا محالة، وعسى الله أن يجعل بهذا المولود خيرًا كثيرًا. لذا، فإننا ننصح بالإبقاء عليه، وإن كان الحكم الفقهيُّ –للاعتبارات المتقدِّمة- جوازَ إسقاطه.