حكم أخذ المال من مرشّح للانتخابات، ونحن قد قررنا أن ننتخبه قبل أن يعطينا المال
الفتوى رقم 3981السؤال: السلام عليكم، إذا أخذنا مالًا من المرشَّح، ونحن سننتخبه قبل أن يعطينا هذا المال، فهل هذه رشوة أم مساعدة، وهل يجوز لنا أخذ هذا المال؟
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
بدايةً، فإن انتخابك لأيّ مرشح ودعمك له، هو اعتراف صريح، واختيار منك لمن تولِّيه شؤون البلد على المستويَيْن السياسي، والتشريعي للقوانين -في المجالات كافة- وغير ذلك، مما هو من مهام النواب في مجلسهم، فبما أنه اعتراف بمنهج هذا المرشَّح وفكره وسلوكه وأهدافه، فأنت مُلزَم من الناحية الشرعية أن تختار صاحب المنهج والفكر السليم والسلوك السويِّ والهدف الذي يوافق الشرع؛ فالمطلوب أن ننظر إلى حال المرشَّح ومشروعه (هل هو يدعو إلى خير، أم إلى شر؟)، وهل هو ممن يؤتمن على البلد أم لا؟ فالتصويت له هو إعانة له ليحقِّق مشروعَه، فإن كان مشروع خير، فإعانة على الخير فلا مانع منه، بل لك الأجر والثواب في ذلك. وأما إن كان مشروع شرٍّ كالعلمانية، أو نفعية قائمة على الفساد والسرقات ودعم الفاسدين والمجرمين ، فإعانة على الشرِّ والإثم، فلا شكَّ في حرمته، ويُعَدُّ ذلك كبيرة من كبائر الذنوب، قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [سورة المائدة الآية:2]. وقال الله تعالى: (وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَآءَ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ) [سورة هود الآية: 113].
وأخرج الحاكم في مُستدرَكه، وقال: صحيح الإسناد، أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: “مَنْ أَعَانَ ظَالِماً لِيُدْحِضَ بِبَاطِلِهِ حَقّاً فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ الله وَذِمَّةُ رَسُولِهِ”. وروى أبو داودَ في سننه، أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: “إذا عُمِلَتْ الخطيئةُ في الأرض، فمَن شهدها فكرهها كان كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فَرَضِيَها كان كمن شهدها”. وروى مسلم في صحيحه، أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: “إنه يُستعمل عليكم أمراءُ فتَعرِفون وتُنكِرون، فمَن كره فقد برئ، ومن أنكر فقد سَلِم، ولكنْ مَن رضي وتابَع”.
فانتخاب أيِّ مرشَّحٍ مسؤوليةٌ كبيرة وخطيرة، ستُسأل عنها يوم القيامة، قال الله تعالى: (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ) [سورة الصافَّات الآية:24]. فمَن اخترتَه ليمثِّلَك فهو في صحيفتك يوم القيامة؛ فإنْ عمل خيرًا فخير لك، وإنْ عمل شرًّا فلا تلومنَّ إلا نفسَك.
وعليه: فالواجب انتخاب صاحب المشروع الإسلامي، أو المشروع الذي لا يُلْحِق ضررًا بالبلد وأهله، مثال الضرر :سَنِّ قوانين تُشرِّع المثلية الجنسية، أو الزواج المدني، أو وإقرار قوانينَ تكرِّس مصادرة أموال الـمُودِعين وتمنع إعادة الأموال المنهوبة .. وغيرها. والله تعالى أعلم.