زوج طلَّق زوجته دون علمها، وعندما علمت كان زوجها قد طلّقها منذ شهر
الفتوى رقم 3849 السؤال: السلام عليكم، زوج طلَّق زوجته دون علمها، وعندما علمت كان زوجها قد طلّقها منذ شهر، فمن أي وقت تُحتسب العدَّة؟ من وقت الطلاق أم من وقت العلم بالطلاق؟ وكيف تعتدُّ المرأة؟
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
بالنسبة للسؤال الأول: وهو متى تبدأ المطلَّقة عدّتها، فقد نصَّ جمهور الفقهاء على أن عدَّة المطلَّقة المدخول بها تبدأ من حين وقوع الطلاق لا من حين علمها، أو تبلّغها وقوع الطلاق، وهذا يكون بإقرار الزوج بذلك.
وأما بالنسبة للسؤال الثاني: وهو كيفية اعتداد المطلَّقة، فإنّ المطلَّقة المدخول بها هي التي يجب عليها العدّة، بخلاف غير المدخول بها فلا تجب عليها العدّة؛ لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا) [سورة الأحزاب الآية: 48]. وأما المدخول بها فعدّتها فيها تفصيل بالنسبة لمدتها، فإن كانت المطلَّقة ممن تحيض، فعدتها ثلاثة قروء، قال الله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ..) [سورة البقرة الآية: 228]. والقُرء هو الحيض، فتكون عدّة المطلَّقة إن كانت ممن تحيض هي ثلاث حيضات كاملات تالية الطلاق، فلو طلّقها في الحيض فلا يحتسب هذا الحيض من المدة. ويعتبر انقضاء العدّة من انتهاء الحيضة الثالثة، أي: بانقطاع الدم.
وأما إن كانت حاملاً فعدّتها بوضع الحمل؛ لقوله تعالى: (وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) [سورة الطلاق الآية:4]. وأما إن كانت آيسة -لا تحيض لكبر السنّ، أو ارتفع حيضُها فلا يعود إليها؛ لاستئصال رَحمها مثلًا- فإن عدتها ثلاثة أشهر، ومثلها الصغيرة التي لم تحض بعد؛ لقوله تعالى: (واللائي يَئِسْنَ مِنَ المحيض مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ارتبتم فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ واللاتي لَمْ يَحِضْنَ) [سورة الطلاق الآية:4].
واعلمي أن المرأة المطلّقة طلاقاً رجعياً يجب عليها العدّة في بيت زوجها، ولا يحلّ لها الخروج إلا إذا أخرجها؛ لقوله تعالى: (يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) [سورة الطلاق الآية:1]. قال الإمام النوويّ الشافعيّ -رحمه الله-: “إن كانت رجعية فهي زوجته، فعليه القيام بكفايتها، فلا تخرج إلا بإذنه”. انتهى من “روضة الطالبين” (8/416). وفي “حاشية البجيرمي” (4/90): “…أما مَن لها نفقة، كرجعية وحامل بائن، فلا يخرجان لذلك إلا بإذن الزوج كالزوجة؛ إذ عليه القيام بكفايتهما، نعم للثانية الخروج لغير تحصيل النفقة؛ كشراء قطن وبيع غزل كما ذكره السبكيُّ وغيره”. انتهى.
فيمكن للمطلّقة أن تخرج لحاجتها فقط. والله تعالى أعلم.