ثمة أشخاص يذكرون شخصًا بسوء أثناء المجلس، لكنْ ثمة شخص يدافع عنه ويمدحه، لكن هؤلاء الأشخاص يسيئون أكثر عندما يسمعون ذلك

الفتوى رقم 3769  السؤال: السلام عليكم، ثمة أشخاص يذكرون شخصًا بسوء أثناء المجلس، لكنْ ثمة شخص يدافع عنه ويمدحه، لكن هؤلاء الأشخاص يسيئون أكثر عندما يسمعون ذلك، هل يجوز في هذه الحال أن يدافع عنه وهو يعلم أنه سيزدادون غضبًا وسوءاً؟

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

بدايةً، فإن الكلام على شخصٍ ما في غَيبته بما يكرهه يُعدُّ من الغِيبة، والغيبة كما عرَّفها العلماء بأنها: ذكرُك المرء بما يكره -من العيوب- وهي فيه، فإن لم تكن فيه فهو البهتان، وقد روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرةَ رضي الله عنه: “قيل: ما الغيبة يا رسول الله؟ فقال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهتَّه“.

وقد ذمّ الله تعالى صاحب الغيبة فقال تعالى: (وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ) [سورة الحجرات، الآية: 12]. ويُستثنى من الغِيبة المحرَّمة ما كان لسبب شرعي، وقد ذكر أهل العلم ستة أسباب تُبيح الغِيبة، وهي: التظلُّم، والاستعانة على تغيير المنكر، وحاجة الاستفتاء، وتحذير المسلمين من الشرّ، وأن يكون الشخص مجاهراً بفسقه أو بدعته، أو يكون ذكر العيب للتعريف حيث تعيَّن الذِّكر وسيلةً إلى ذلك -كفلان الأعمى أو الأعرج مثلاً-.

وعليه: فإذا كان الكلام على الآخرين فيه ذكر لعيوبهم، ولم يكن ثمة سبب شرعي -مما ذكرناه- لهذا الكلام فهو غِيبة محرَّمة، وهي كبيرة من الكبائر، وقد قال الله في كتابه عن هؤلاء: (وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ ([سورة الحجرات الآية:12].

وأما بالنسبة لنصرة هذا الشخص الذي يُغتاب بما هو فيه وربما ليس هو فيه، بل هو بهتان وافتراء عليه، فقد روى أبو داود في سننه من حديث أبي طلحةَ الأنصاريِّ وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم، عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: “ما من امرئ مسلم يَخْذلُ امرأً مسلماً في موطن تُنتهك فيه حرمته، ويُنتقص فيه من عرضه، إلَّا خذله الله في موطن يُحبٌّ فيه نُصرته، وما من امرئ ينصر مسلماً في موضع يُنتقص فيه من عِرضه، ويُنتهك فيه من حرمته، إلَّا نصره الله في موضع يحبُّ فيه نُصرته”.

وروى الإمامُ أحمد في مسنده من حديث أبي أمامة بن سهل بن حُنَيف، عن أبيه رضي الله عنه، عنالنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم  قال: “من أُذِلَّ عنده مؤمن فلم ينصره، و هو يقدر على أن ينصَره أذلَّه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة”. قال الإمام الـمُناويّ -رحمه الله- شارحاً هذا الحديث في كتابه “فيض القدير” (6/ 46-47): “(من أُذِلَّ) بالبناء للمجهول (عنده) أي بحضرته أو بعلمه (مؤمن فلم ينصره) على مَن ظلمه (وهو) أي والحال أنه (يقدر على أن ينصره، أذلَّه اللّه على رؤوس الأشهاد يوم القيامة).

 فخذلان المؤمن حرام شديد التحريم دنيويًّا كان أو أخرويًّا”. انتهى.

وعليه: فدفاعك عن الشخص الذي تُكلِّم عليه يدخل تحت هذا الحديث وفيه نهي عن منكر. وننصح الأخ بأن يكون في نُصحه للآخرين الذين يغتابون حكيماً. والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *