أخْذُ الوالد من مهر ابنته بغير إذنها

الفتوى رقم 3765  السؤال: السلام عليكم، هل يحق للوالد أن يأخذ من مهر ابنته بغير إذنها؟ وبالنسبة لصلاة الفرض، هل يُشترط تعيين النية إن كانت قضاءً أو أداءً؟ وهل يجوز أن يحلف الشخص يمينًا أن لا يتكلم مرة أخرى مع أخته أو أخيه؟

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

بالنسبة للسؤال الأول: فإنّ مهر الزوجة حقٌّ لها بنصِّ القرآن الكريم، قال الله تعالى: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا) [سورة النساء، الآية:4]. قال الإمام القرطبيُّ المالكيُّ -رحمه الله تعالى- في كتابه “الجامع لأحكام القرآن الكريم” عند تفسيره لهذه الآية قال: “هذه الآية تدل على وجوب الصداق للمرأة، وهو مُجمع عليه”. انتهى.

 وبما أن المهر حقّ المرأة، فالسؤال: هل يمكن للأب أن يأخذ من مال ابنته بغير إذنها؟ يقول العلَّامة الـمُناوي -رحمه الله- في كتابه “فيض القدير” (3/50) عند شرحه لحديث: “أنت ومالُك لأبيك”، معناه: “إذا احتاج فله أن يأخذ منه قَدْرَ الحاجة، فليس المراد إباحة ماله له حتى يستأصله بلا حاجة”. انتهى. فلا يَحِقُّ للوالد أن يأخذ من مالها -ومهرها من مالها- إلا بإذنها، ويجب عليها أن تعطيَه إن كان محتاجاً –فقيراً- وإذا كان ثمة أولاد له غيرها، فيجب أن يتشاركوا  كلٌّ بحسَب استطاعته بالنفقة على والدهم.

وأما بالنسبة للسؤال الثاني: فالمنصوص عليه عند السادة الشافعية أنه لا يُشترط تعيين صلاة الفرض قضاءً أو أداءً، بل يكفي أن ينويَ الفرضية الظهر أو العصر أو… مثلاً، وكذلك يصح اقتداء مَن يُصلّي الفرض قضاءً، خلف مَن يصلِّي الفرض أداءً. وعليه: فالصلاة صحيحة.

وأما بالنسبة للسؤال الثالث: فلا يَحِلُّ هذا الحلف، بل هو يمين مُحَرَّم، والواجب عليه الحِنْثَ بيمينه؛ يعني لا ينفِّذ يمنه، وعليه التوبة منه إلى الله تعالى؛ لحديث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: “لا نذر ولا يمين فيما لا يملك ابن آدم، ولا في معصية الله، ولا في قطيعة رحم” رواه أبو داودَ في سُننه. ويجب عليه أن يُكَفِّرَ عنها، وكفارة اليمين ذكرها الله عزَّ وجلَّ  في سورة المائدة  الآية  89، حيث قال تعالى: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) وهو مخيَّر بين عتق رقبة مؤمنة -وهذا غير متوافر اليوم- أو إطعام عشرة مساكين كلّ مسكين وجبة مشبعة، 600غرام  من غالب قوت أهل البلد كالأرز والفول والعدس ونحوه، أو كسوتهم بما يُعَدُّ كسوةً في عُرف الناس، ويُمكن إعطاؤها لمسكين مسلم واحد طالما أنه مسكين، فإن لم يستطع واحدة مما ذُكر فيجب عليه -الذي حلف- صيامُ ثلاثة أيام، ولا تُشترط الموالاة –التتابع- بينها. والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *