قال لها: (تحرمي عليَّ إذا بقرّب عليك)، فما الحكم؟ وماذا عليه أن يفعل؟
الفتوى رقم 3602 السؤال: السلام عليكم، رجلٌ هجر زوجته، فهي تنام في غُرفة وهو في غرفة، وعندما احتجَّت عليه قال لها: (تحرمي عليَّ إذا بقرّب عليك)، فما الحكم؟ وماذا عليه أن يفعل؟
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
بدايةً، فإن لفظ “تحرمي عليَّ” لفظ غير صريح في الطلاق، ويعبّر عنه العلماء بأنه لفظُ كنايةٍ يحتاج إلى نية، وهذا ما نصَّ عليه فقهاء الشافعية رحمهم الله تعالى -في كتبهم المعتمدة- “مغني المحتاج” للشربيني -رحمه الله- (3/283).
فإن كانت النيةُ الطلاق، فطلاق، وإن كانت ظِهارًا فظِهار، وإن لم ينوِ شيئاً فيمين.
وعليه: فالمطلوب أن يُسأل عن نيَّته أثناء التلفُّظ بـ: “تحرمي عليّ اذا بقرِّب عليك”، فإن قَرُب منها وهو مختارٌ غير مُكْرَه، وذاكرٌ لهذا التعليق وقع ما نواه، فإن نوى الطلاق وقع الطلاق، وإن نوى اليمين أو لم ينوِ شيئًا يقع الحِنْثُ بيمينه وتجب كفَّارة اليمين، وإن نوى الظِّهار -أي أنها مثل أمِّه في التحريم- فقد وقع الظِّهار ووجبت كفَّارة الظِّهار.
كفارة اليمين
وكفَّارة اليمين ذكرها الله عزَّ وجلَّ في القرآن الكريم، فقال تعالى: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [سورة المائدة الآية: 89]. وهو بدايةً مخيَّر بين: عتق رقبة مؤمنة -وهذا غير متوافر اليوم- أو إطعام عشرة مساكين كلّ مسكين وجبة مشبعة، وتساوي 600 غرامًا من غالب قوت أهل البلد كالأرز والفول ونحوه، أو كسوتهم بما يُعَدُّ كسوةً في عُرف الناس، ويمكن إعطاؤها لمسكين واحد طالما أنه مسكين، فإن لم يستطع واحدة مما ذُكر فيجب عليه -الذي حلف- صيام ثلاثة أيام، ولا يُشترط المولاة -التتابع- بينها.
كفارة الظهار
وأما كفارة الظِّهار فقد ذكرها الله بقوله: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [سورة المجادلة الآيتان: 3-4]. وبما أنه لا يوجد رقبة مؤمنة اليوم، فيجب صيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإنه يُطعم ستين مسكيناً.
تنبيه: مسائل الطلاق يختلف فيها الحكم باختلاف الألفاظ الـمُستخدَمة أو بالنية، أو بالقرائن والأحوال، فإن اختلف شيء من السؤال فالإجابة أيضاً تختلف.
والله تعالى أعلم.