ما ذنب الذي يظلّ كافرًا؛ لأن الله لم يكتب له أن يكون مؤمنًا؟

الفتوى رقم 3314 السؤال: السلام عليكم، ما معنى هذه الآية: (وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ)؟ هل أن الله تعالى يقرّر مَن يؤمن ومَن لا يؤمن؟ وبذلك ما ذنب الذي يظلّ كافرًا؛ لأن الله لم يكتب له أن يكون مؤمنًا؟

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

لا ليس هذا هو المراد قطعًا، بل المعنى -والله أعلم- أن الله أعطى الإنسان حرية الاختيار وهذه الحرية هي بإذنه أي بإرادة الله ولم يجبره أحد على ذلك، فإذا اختار العبد الإيمان بالله تعالى فهو بإرادة الله؛ لأن الله هو من أعطاه حرية الاختيار ولم يُكْرِهْه، ثم بعد ذلك يُحاسب الإنسان على اختياره وكسبه، قال الله تعالى:(كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) [سورة المدثر الآية: 38]، وقال تعالى: (فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا..) [سورة الكهف الآية: 29]، فإن اختار الإسلام والإيمان الحقيقيَّ كان من أهل الجنة. وإن اختار الكفر والضلال كان من أهل النار. فالإنسان يُحاسَب على اختياره، مع تنبيه الله تعالى وتحذيره للبشرية أن يصحوا من غفلتهم، ولذلك بعث الأنبياء وأرسل الرسل، وحفظ كتابه القرآن الكريم من التحريف والتبديل، ففيه الآيات التي تُنَبِّه الغافلين وتُذكِّر المؤمنين، ولذلك نلحظ أن الله تعالى ختم الآية بقوله تعالى: (وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ) [سورة يونس الآية: 100]، فرغم أن الله أعطى الإنسان العقل والاختيار ليحاسب على أساس العقل الذي هو مناط التكليف، فلما اختار الكفر جعل الله الرجس -أي العذاب- عليه -أي على من كفر-؛ لأنه لم يلتزم أمره ولا نهيه، وإلا لو كان مُجْبَراً -مسيَّرًا- للكفر فلماذا يعاقبه؟! أو للإيمان فلماذا يكافئه؟!

والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *