ما حُكم ألعاب الجوَّال التي تحتوي على النَّرد، مثل لعبة الريسك؟
الفتوى رقم 3035 السؤال: السلام عليكم، ما حُكم ألعاب الجوَّال التي تحتوي على النَّرد، مثل لعبة الريسك؟
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
فقد نصّ جمهور الفقهاء -من الحنفية والمالكية والشافعية على الصحيح عندهم، والحنابلة- على أنه لا يَحِلُّ اللّعب “بالنَّرد” مطلَقاً وهو محرَّم؛ لما روى مسلم في صحيحه عن بُرَيْدَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: “مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ فَكَأَنَّمَا صَبَغَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ”. “الموسوعة الفقهية” (35/269). و”النَّردشير” هو تلك المكعَّبات المكتوب عليها أرقام ويُلعَب بها، وتسمَّى “الزَّهر”.
قال الإمام النوويُّ -رحمه الله- في “شرحه على صحيح مسلم” (15/ 15ـــــــ 16): “قَالَ الْعُلَمَاء: النَّرْدَشِير هُوَ النَّرْد، وَهَذَا الْحَدِيث حُجَّة لِلشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُور فِي تَحْرِيم اللَّعِب بِالنَّرْدِ، وقال أبو إسحاق الـمَرُّوذِيّ من أصحابنا يُكره ولا يحْرُم… وَمَعْنَى: “صَبَغَ يَده فِي لَحْم الْخِنْزِير وَدَمه” فِي حَال أَكْله مِنْهُمَا، وَهُوَ تَشْبِيه لِتَحْرِيمِهِ بِتَحْرِيمِ أَكْلهمَا”. انتهى. وقريب من هذا ما ورد في “مغني المحتاج” للخطيب الشربيني (6/346): “يحرم اللعب بالنرد على الصحيح؛ لخبر (من لعب بالنَّرد فقد عصى الله ورسوله) رواه أبو داودَ والحاكم، وهو على هذا صغيرة، والثاني: يُكره”. انتهى.
وروى أبو داودَ وابن ماجه في سننَيْهما عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: “مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ”. فكلُّ لعبة دخل فيها الزَّهر فهي حرام.
قال الفقيه الحنبلي ابن قدامة المقدسي -رحمه الله- في كتابه “المغني” (10/171): “فصل في اللعب: كلّ لعب فيه قمار فهو محرَّم، أي لعب كان، وهو من الميسر الذي أمر الله تعالى باجتنابه، ومَن تكرر منه ذلك رُدَّتْ شهادتُه. وما خلا من القمار، وهو اللعب الذي لا عِوَضَ فيه من الجانبين، ولا من أحدهما، فمنه ما هو محرَّم، ومنه ما هو مباح، فأما المحرَّم فاللعب بالنرد. وهذا قول أبي حنيفة، وأكثر أصحاب الشافعي”. انتهى.
قال ابن عبد البَرِّ -رحمه الله- في كتابه “التمهيد” (13/180): “وأكثرهم -أي العلماء- على كراهة اللعب بالنَّرد على كلّ حال قماراً أو غير قمار؛ للخبر الوارد فيها، وما أعلم أحداً أرخص في اللعب بها، إلا ما جاء عن عبد الله بن مُغَفَّلٍ وعِكرمةَ والشَّعْبي وسعيد بن المسيِّب، وروي عن عِكرمة والشَّعْبي أنهما كانا يلعبان بالنرد، وسُئل سعيد بن المسيب عن اللعب بالنرد فقال: إذا لم يكن قماراً فلا بأس به، قال إسحاق: إذا لعبه على غير معنى القمار يريد به التعليم والمكايدة فهو مكروه ولا يبلغ ذلك إسقاط شهادته، ويحتمل اللعب بالنرد المنهيِّ عنه على وجه القمار”. انتهى باختصار.
بناء عليه: فالألعاب الإلكترونية التي تحتوي على النَّرد أو على الحظّ والتخمين، لها نفس الحكم الذي ذكرناه، فعلى قول أكثر أهل العلم أنها حرام، وهو الذي نُفتي به.
والله تعالى أعلم.