أيهما أعظم إثمًا: القتل أم الزنا؟ وهل الصيام أهم أم الصلاة؟

الفتوى رقم 2853 السؤال: السلام عليكم، أيهما أعظم إثمًا: القتل أم الزنا؟ وهل الصيام أهم أم الصلاة؟

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

بالنسبة للسؤال الأول: فلا شك بأن القتل بغير حقٍّ والزِّنا من أفحش الذنوب وأكبر الكبائر، فالأُوْلى إفساد في الأرض بإزهاق الأنفس بغير حقّ، والثانية هتك للأعراض واختلاط للأنساب، ومع ذلك فإن القتل بغير حق أخطر من فاحشة الزنا؛ لقول الله تعالى: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) [سورة النساء الآية: 93]. ولحديث البخاري في صحيحه أن النبيَّ صلَّى الله عليه وسلم قال: “لا يزال المرء في فُسْحَةٍ من دينه ما لم يُصِبْ دمًا حراماً”.

والزِّنا من أكبر الكبائر ويأتي في المنزلة بعد الشِّرك بالله والقتل بغير حقّ، قال الله تعالى: (وَالَّذِيْنَ لَاْ يَدْعُوْنَ مَعَ اللهِ إلهاً آخَرَ وَلَاْ يَقْتُلُوْنَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّاْ بِالحَقِّ وَلَاْ يَزْنُوْنَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثَامًا…) [سورة الفرقان الآيات: 67/70]، وقال الله تعالى: (وَلَاْ تَقْرَبُوْا الزِّنَا إِنَّهُ كَاْنَ فَاْحِشَةً وَسَاْءَ سَبِيْلًا) [سورة الإسراء الآية: 32]. وروى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألتُ رسولَ الله ﷺ: أيُّ الذنب أكبر؟ قال: أن تَجْعل لله نِدًّا وهو خَلَقَك، قلت: ثم أيّ؟ قال: أن تُزانِيَ بحليلة جارك” أخرجه البخاريُّ ومسلم.

فالمطلوب عدم التهوين من شأن أي كبيرة من الكبائر، وفي النهاية هي جريمة يرتكبها المسلم في حقِّ نفسِه وحقِّ مجتمعه يجب عليه الابتعاد عنها.

وأما بالنسبة للسؤال الثاني: فإن الصلاة والصيام من أركان الإسلام وفرائضه وهما واجبان على كلِّ مسلم مكلَّف ولا يَحِلُّ إسقاط أيّ منهما عن المسلم إلا بعذر شرعي، لكن الصلاة لا تسقط إلا عندما يخرج المسلم عن دائرة التكليف أو بعذر شرعي بالنسبة للمرأة؛ كالحيض والنفاس، وأما صوم رمضان فقد يسقط عن المكلَّف -ويجب عليه القضاء أو الفدية- لأعذار كثيرة منها: السفر المشروع، والحيض، والنفاس، والرضاع، والحمل، والمرض، وكِبَر السِّنِّ، وغيرها من الأعذار المشروعة.

لكن الصلاة خَطَرُ تَرْكِها أشدُّ من خطر ترك صيام رمضان؛ لكونها صلة يومية بين العبد وربه، ففي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: “بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة”. وروى الترمذيُّ وقال: حسن صحيح، عن بريدةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: “العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمَن تركها فقد كفر”. والصلاة تلي النطق بالشهادتين، ففي الحديث المتفق عليه أن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله ﷺ: “بُنِي الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحجّ البيت، وصوم رمضان”. والصلاة أول ما يُدعى إليه المكلَّف بعد الإيمان بالله، لما بعث رسول الله ﷺ معاذًا رضي الله عنه إلى اليمن قال: “إنك تَقْدُم على قوم أهل كتاب، فَلْيَكُن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله، فإذا عرفوا الله فأخْبِرْهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا فعلوا فأخْبِرْهم أن الله فرض عليهم زكاة من أموالهم وتُرَدُّ على فقرائهم، فإذا أطاعوا بها فخذ منهم وتوقَّ كرائم أموال الناس”. أخرجه البخاريُّ في صحيحه. وللصلاة خصائص ومزايا أخرى على غيرها من الفرائض، وهذا يجعلها ذات أهمية أكبر، مع التنبيه على أنهما من الفرائض الواجب على المسلم المحافظة عليها.

والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *