ما الدليل على تحريم الاختلاط من الكتاب والسُّنّة؟

الفتوى رقم 2012 السؤال : ما الدليل على تحريم الاختلاط من الكتاب والسُّنّة؟

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

الأدلّة على تحريم الاختلاط في الكتاب والسنّة كثيرة، منها قول الله تعالى: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) [سورة الأحزاب الآية: 53]. قال ابن كثير -رحمه الله- في تفسير الآية: “أي: وكما نهيتكم عن الدخول عليهنّ، كذلك لا تنظروا إليهنّ بالكلّية، ولو كان لأحدكم حاجة يريد تناولها منهنّ، فلا ينظر إليهنّ ولا يسألهنّ حاجة إلا من وراء حجاب”. اهـ.

ومنها حديث أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: “كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِيَ تَسْلِيمَهُ وَمَكَثَ يَسِيرًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأُرَى -وَاللَّهُ أَعْلَمُ- أَنَّ مُكْثَهُ لِكَيْ يَنْفُذَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ مَنْ انْصَرَفَ مِنْ الْقَوْمِ” رواه البخاري في صحيحه، وأبو داود في سننه، كتاب الصلاة وعَنْوَنَ عليه: باب انصراف النساء قبل الرجال من الصلاة.

وعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “لَوْ تَرَكْنَا هَذَا الْبَابَ لِلنِّسَاءِ” قَالَ نَافِعٌ: فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ ابْنُ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ” رواه أبو داود في سننه، كتاب الصلاة باب التشديد في ذلك.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال النبيُّ ﷺ: “خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا”. رواه مسلم في صحيحه. وهذا فيه دلالة على منع الشريعة للاختلاط، وأنه كلّما كان الرّجل أبعدَ عن صفوف النساء كان أفضل، وكلما كانت المرأة أبعدَ عن صفوف الرّجال كان أفضل لها.

وروى أَبو أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ -وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاخْتَلَطَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ فِي الطَّرِيقِ- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِلنِّسَاءِ: “اسْتَأْخِرْنَ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ -تَسِرْن وسط الطريق- عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ؛ فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تَلْتَصِقُ بِالْجِدَارِ، حَتَّى إِنَّ ثَوْبَهَا لَيَتَعَلَّقُ بِالْجِدَارِ مِنْ لُصُوقِهَا بِهِ:”. رواه أبو داود في كتاب الأدب من سننه، باب مشي النساء مع الرجال في الطّريق.

ويجدُر التنبيه إلى أن الاختلاط بين النساء والرجال الأجانب يؤدي إلى مفاسد حرَّمها الإسلام كالنظر، وقد أُمرنا بغضِّه. وكذلك الكلام الذي فيه رقَّة وليونة وخضوع وزيادة على قَدْرِ الحاجة، قال الله تعالى: (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) [سورة الأحزاب الآية :32].

والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *