هل عمل المرأة في الراديو حرام؟ وهل صوت المرأة عورة؟

الفتوى رقم: 1892 السؤال: هل عمل المرأة في الراديو حرام، أنا أعمل في استديو أتكلم في كثير من المواضيع، وقد سمعت أن صوت المرأة عورة، فهل عملي هذا فيه حرمة؟

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

فقد اتفق جمهور العلماء على أن صوت المرأة ليس بعورة؛ لقوله تعالى: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ). [سورة الأحزاب الآية: 53]، فلم يأت النهي عن الحديث وإنما جاء الأمر بعدم الخضوع بالقول وهو ترخيم الصوت وترقيقه، قال الله تعالى: (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا). [سورة الأحزاب الآية: 32].

وليس في السُّنَّة ما يدلُّ على أنه عورة، فقد كان النساء يسألن رسولَ الله عن أمور الشرع في حضرة الصحابة ولم ينكر عليهن النبيُّ ﷺ ذلك، كما روى الإمام مسلم في صحيحه في كتاب الإيمان، أنَّ رسول الله ﷺ قال: “يا معشر النساء تَصَدَّقْنَ وأَكْثِرْنَ الاستغفار؛ فإنِّي رأيتكنَّ أكثرَ أهل النار، فقالت امرأة جزلة منهنَّ: وما لنا يا رسول الله أكثر أهل النار؟ فقال: تُكْثِرْنَ اللَّعن، وتَكْفُرْنَ العشير” وغير ذلك من الأحاديث المشهورة، وقد كُنَّ أيضًا يكلِّمن الصحابة في رعاية حوائجهن ويستفتينهم في الدِّين والآثار مستفيضة في ذلك، وكان الصحابة يسلِّمون على المرأة العجوز وتَرُدُّ عليهم كما في حديث سهلِ بن سعدٍ رضي الله عنه: “كانت لنا عجوز ترسل إلى بُضاعة -نخل بالمدينة- فتأخذ من أصول السِّلْق، فتطرحه في قِدْر، وتُكِرْكِرُ -أي تطحن- حبات من شعير، فإذا صلَّينا الجمعة، انصرفنا ونسلِّم عليها، فتقدِّمه إلينا”. رواه البخاري في صحيحه. وثبت في صحيح مسلم من حديث أنس -رضي الله عنه- قال: “قال أبو بكر لعمر -رضي الله عنهما- بعد وفاة رسول الله ﷺ: انطلق بنا إلى أُمِّ أيمنَ -رضي الله عنها- نزورها كما كان رسول الله ﷺ يزورها”.

فكلُّ ذلك يدلُّ على أنه لا بأس للمرأة أن تخاطب الرجال فيما تدعو الحاجة إليه بكلام طبيعي ليس فيه فتنة ولا ريبة كالتسوُّق والخصومة والشهادة والاستفتاء والتشكِّي وغير ذلك. لذلك ينبغي على المرأة إذا تكلَّمت مع الرجال الأجانب أن يكون حديثُها على قَدْرِ الحاجة بدون خضوع في القول وترقُّق وتمطُّط وتغنُّج وتكسُّر؛ قال الله تعالى: (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا) [سورة الأحزاب الآية: 32].

وهنا نجد أن الشرع الحكيم رغَّب المرأةَ وحثَّها على إخفاء صوتها في كثير من الأحوال، فأباح لها التصفيق فقط في الصلاة لتنبيه الإمام على خطئه، وأسقط عنها الأذان والإقامة، وأمرها بالإسرار بالتلبية في المناسك، ومنعها من الإمامة بالرجال في الصلاة، وغير ذلك؛ مما يدل على أن الأصل في المرأة أن تخفيَ صوتها وتسترَه عن الرجال إلا إذا كانت المصلحة راجحة في إظهاره.

والحاصل أنه يَحِلُّ للمرأة رفعُ صوتها بضوابط:

1- أن يكون فيما تدعو الحاجة إليه، وعلى قَدْرِ الحاجة.

2- أن يخلوَ من الخضوع في القول.

3- أن لا يكون فيه فتنة ولا ريبة تؤدي إلى الفساد.

وللأسف فقد فرَّط كثير من النساء في هذا العصر، فصِرْنَ يتحدَّثن مع الرجال الأجانب كما يتحدَّثن مع محارمهن بخضوع في القول وإطالة في الكلام وإخبار بالأمور الخاصة وضحك ونحوه.

وأما بالنسبة لعمل المرأة في مجال الإعلام وتقديم البرامج الإذاعية فإذا خلت من الخضوع في القول، ومن ترقُّق وتمطُّط وتغنُّج وتكسُّر فلا حرج، وإلا حَرُم.

والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *