معنى الآية الكريمة: (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون)؟
الفتوى رقم: 1497 السؤال: ما معنى الآية الكريمة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون)؟
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
تفسير قول الله عزَّ وجلَّ: (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) [سورة يوسف الآية: 106]. قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في كتابه تفسير القرآن العظيم 2/512- 513 – 512: قال ابن عباس رضي الله عنهما: من إيمانهم أنهم كانوا إذا قيل لهم مَن خلق السماوات ومَن خلق الأرض ومَن خلق الجبال؟ قالوا: الله. وهم مشركون به….. وفي الصحيحين: “أن المشركين كانوا يقولون في تلبيتهم: لبيك لا شريك لك؛ إلا شريكًا هو لك تَمْلِكُهُ وما مَلَك”. وفي صحيح مسلم: “أنهم كانوا إذا قالوا لبيك لا شريك لك، قال رسول الله ﷺ: “قد قد” أي: حسب حسب، لا تزيدوا على هذا”. وقال الله تعالى: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [سورة لقمان الآية: 13]. وهذا هو الشرك الأعظم أن يعبد مع الله غيره، كما في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه: “قلت يا رسول الله: أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله ندًا وهو خَلَقَكَ”. وقال الحسن البصريُّ -رحمه الله- في قوله: (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) [سورة يوسف الآية: 106]. قال: ذلك المنافق يعمل إذا عمل رياءً الناس وهو مشرك بعمله ذلك، يعني قوله تعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ..) إلى قوله: (يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا) [سورة النساء الآية: 142]. وثَمَّ شرك آخر خفيٌّ لا يشعر به غالبًا فاعلُه، كما روى حمَّاد بن سلمةَ، عن عاصم بن أبي النجود، عن عروة قال: دخل حذيفة على مريض فرأى في عَضُدِه سَيرًا -أي خيطًا- فقطعه أو انتزعه ثم قال: (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) وفي الحديث: من حلف بغير الله فقد أشرك. رواه الترمذي وحسَّنه من رواية ابن عمر. وفي الحديث الذي رواه أحمد وأبو داود وغيره عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: “إن الرقى والتمائم والتِّوَلَةَ شرك”. وفي لفظ لهما: الطِّيَرَةُ شرك، وما منا إلَّا، ولكنَّ الله يُذْهِبُه بالتوكُّل”.. وروى الإمام أحمد بسنده عن زينبَ امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما، قالت: رأى عبد الله بن مسعود في عنقي خيطًا فقال: ما هذا الخيط؟ قالت قلت: خيط رُقِيَ لي فيه، فأخذه فقطعه، ثم قال: إن آل عبد الله لَأغنياءُ عن الشرك، سمعت رسول الله ﷺ، يقول: إن الرقى والتمائم والتِّوَلَةَ شرك” إنما كان يكفيك أن تقولي كما قال النبيُّ ﷺ: “أَذْهِبِ الباسَ ربَّ الناسِ اشفِ أنت الشافي، لا شفاءَ إلا شفاؤك، شفاءً لا يُغادر سقمًا”. وفي حديث آخر رواه الإمام أحمد: قيل لعبد الله بن حكيم رضي الله عنه وهو مريض لو تعلَّقت شيئًا، فقال: أتعلَّق شيئًا وقد قال رسول الله ﷺ: “من تعلَّق شيئًا وُكِلَ إليه”. رواه النَّسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه، وفي مسند أحمد من حديث عقبةَ بنِ عامرٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: “من علَّق تميمة فقد أشرك”. وفي رواية: “من تعلَّق تميمة فلا أَتَمَّ الله له، ومن تعلَّق وَدَعَةً فلا وَدَعَ اللهُ له”. وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: “يقول الله: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، مَن عمل عملًا أشرك فيه معي غيري تركتُه وشِرْكَه”. رواه مسلم. وروى أحمدُ عن محمود بن لَبِيدٍ رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ قال: “إنَّ أَخْوَفَ ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، قالوا: وما الشرك الأصغر؟ قال: الرياء…… الحديث. وروى أحمدُ عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله ﷺ: “من رَدَّتْه الطِّيَرَةُ عن حاجته فقد أشرك، قالوا: يا رسول الله: ما كفَّارة ذلك؟ قال: أن يقول أحدهم: اللَّهم لا خير إلا خيرُك، ولا طيرَ إلا طيرُك، ولا إله غيرُك”. وفي رواية للحافظ أبي يعلى الموصلي بسنده أن أبا بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: “الشرك أخفى فيكم من دبيب النمل، ثم قال: ألا أدلَّك على ما يُذهب عنك صغير ذلك وكبيره؟ قل: اللَّهم إني أعوذ بك أن أُشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك مما لا أعلم”. انتهى مع بعض التصرف.
والله تعالى أعلم.