مات بنوبة قلبية بعد شجار مع رجل، فهل على الأخير من قصاص أو دية؟

الفتوى رقم: 1092 السؤال: رجلان تشاجرا وعَلَتَ أصواتُهما، ثم تفرَّقا، وبعد ذهاب كلِّ واحد بطريقه بربع ساعة فقط أصيب أحدهما بنوبة قلبية توفي على إثرها، فهل يجب على الرجل الأول من قصاص أو دية أو تعزير، أو أنه لا شيء عليه؟

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

فإنه قبل الإجابة عن سؤالك لا بد من تأصيل المسألة فنقول: إن جمهور العلماء قد اجتمعت أقوالهم على ثلاثة أنواع من القتل:

  • الأول: القتل العمد: وهو ما قُصد فيه العدوان بما يُقتل فيه -غالبًا- كالسيف وشبهه، وفيه القصاص.
  • الثاني: القتل شبه العمد: وهو ما قُصد فيه العدوان بما لا يقتل -غالبًا- كالخشبة وشبهها وفيه الدية المغلَّظة.
  • الثالث: القتل الخطأ: وهو القتل الحادث بغير قصدِ الاعتداءِ، وفيه الدية مع الكفارة.
  • بتصرف من كتاب” الفقه الإسلامي وأدلته” للزحيلي (7/ 5619).

وذكر أهل العلم أن الأفعال الموجبة لاحتساب القتلِ قتلَ عمد تسعة؛ منها: القتل بالتخويف أو الإرهاب، ومن صوره: أنه لو تغافَلَ أحدٌ بالغًا عاقلًا فصاح به، فمات من رَوْعَتِه، فذهب الأحناف إلى أنه لو صاح به فجأة فمات من صيحته، فيكون قاتلًا له قتلًا شبه عمد، فتجب الدية، وذهب المالكيَّة إلى أنه قاتلٌ عمدًا يجب عليه القصاص إن كان على وجه العداوة، أما إن كان على وجه اللعب أو التأديب فعليه الدية فقط، وذهب الشافعيَّة والحنابلة إلى أنه إنْ فعل ذلك عمدًا، فهو شبه عمد موجب للدية وإلا فهو خطأ. اهـ . بتصرف من كتاب “الفقه الإسلامي وأدلته” للعلامة وهبي الزحيلي رحمه الله (7/ 5656).

بناء عليه: فالحالة التي وصفها السائل: بأن الرجلان كانا يتصايحان، وبأن أحدهما مات بعد ربع ساعة من التصايح، يعني لم يمت فجأة، ولم يوجد قصد العدوان من الأول بما يَقْتُل أو لا يقتل غالبًا، فلا شيء عليه من القصاص أو الدية أو التعزير. اللهم إلا ما يجب عليه من الاستغفار عما بدر منه تجاه أخيه المسلم، وأن يُكثر من الدعاء له والاستغفار، لما رواه مسلم في صحيحه أن النبيُّ عليه الصلاة والسلام قال: “تُعرض الأعمالُ في كلِّ يوم إثنين وخميس فيغفر الله عزَّ وجلَّ لكل امرىء لا يُشرك بالله شيئًا إلا امرءًا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: اتركوا هذين حتى يصطلحا، اتركوا هذين حتى يصطلحا”.

والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *