حكم تخزين البضائع حتى يزداد الطلب عليها
سؤال: في ظل الأزمة الاقتصادية التي يمر بها لينان، وارتفاع أسعار الدولار، يعمد كثير من التجار إلى تخزين البضائع التي يحتاجها الناس حتى يزداد الطلب عليها فيرفعون سعرها لتحقيق أكبر قَدْر من الربح، فما الحكم الشرعي في ذلك؟
الجواب وبالله تعالى التوفيق:
اعلم أخي السائل أن الاحتكار شرعاً: هو اشتراء القوت وحبسه انتظاراً للغلاء (المغني لابن قدامة الحنبلي 4/244) وعرَّفه آخرون بأنه: رصد الأسواق انتظاراً لارتفاع الأسعار. (الشرح الصغير للفقيه الدردير المالكي1/639) كما عرفه آخرون بأنه: اشتراء القوت وقت الغلاء وإمساكه وبيعه بأكثر من ثمنه للتضييق. (نهاية المحتاج للفقيه الرملي الشافعي3/456) ومن خلال هذه التعريفات يظهر لنا اختلاف أهل العلم فيما يجرى فيه الاحتكار، فمنهم من يقول هو في القوت خاصة، ومنهم من يرى أنه يجرى في كل ما يحتاجه الناس ويتضررون بحبسه، وهذا مذهب المالكية ورواية عن الإمام أحمد.
ولا شك في أن الطعام ــ المواد الغذائية ـــ من أهم ما يحتاجه الناس ويُلحق بذلك وقود السيارات والمنازل، وغيرها مما هو من أساسيات العيش في هذا العصر.
وقد نصَّ أهل العلم على حرمة الاحتكار، ودلَّ على تحريمه ما رواه مسلم في صحيحه عن معمر بن عبد الله رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: “لا يحتكر إلا خاطئ”. يقول الإمام النوويُّ الشافعي رحمه الله تعالى في شرحه على صحيح مسلم:” قال أهل اللغة الخاطئ هو العاصي الآثم، وهذا الحديث صريح في تحريم الاحتكار. انتهى. وروى الإمام أحمد في مسنده وغيره أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: “من احتكر طعاماً أربعين ليلة فقد برئ من الله تعالى، وبرئ الله تعالى منه، وأيُّما أهل عَرْصة ــ أرض أو بلدة ــــ أصبح فيهم امرؤ جائع فقد برئت منهم ذمة الله”. وروى الحاكم في مستدركه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: “المحتكر ملعون”.
وقد نصَّ الفقيه ابن حجر الهيتمي الشافعي رحمه الله تعالى في كتابه: “الزواجر عن اقتراف الكبائر”: على أن الاحتكار من كبائر الذنوب، بناء على هذا الوعيد الوارد في هذين الحديثين وما شابههما، والحكمة من تحريم الاحتكار هي الحيلولة دون إلحاق الضرر بالناس في حاجياتهم الأساسية.
ونذكَّر التجار: بأن يتقوا الله تعالى في بيعهم وشرائهم فعن رفاعة بن رافع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ التُجَّارَ يُبعَثُونَ يَومَ القِيَامَةِ فُجَّارًا، إِلَّا مَن اتَّقَى اللَّهَ وَبَرَّ وَصَدَقَ”. أخرجه الترمذي والدارمي وابن ماجه. والله تعالى أعلم.