حكم العقيقة والصدقة عن الجنين السَّقْط بعد نفخ الروح فيه
فتوى رقم 5016 السؤال: السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ابنتي كانت حاملًا في الشهر الخامس، وقد تبيّن أن الجنين صبي، وقد دبّت فيه الروح. ثم أصيبت بعارض صحي وتوفي الجنين في بطنها، فقمنا بتسميته “إبراهيم”، وغُسِّل وكُفِّن وصُلِّي عليه ودُفن. فهل يجب علينا أن نَعُقَّ عنه؟ وإذا تصدَّقنا عنه، فهل يصله ثواب الصدقة؟ جزاكم الله خيرًا.
الجواب، وبالله تعالى التوفيق :
بالنسبة للسؤال الأول: وهو العقيقة عن السّقْطِ الذي نُفخت فيه الروح. فهذه من المسائل التي اختلف فيها أهل العلم، فالمنصوص عليه عند الشافعية جوازها، خلافاً للجمهور -الحنفية، والمالكية، والحنابلة، فلا يستحب عندهم-. قال الفقيه ابن حجر الهيتميُّ الشافعيُّ -رحمه الله- تعالى في كتابه “الفتاوى الفقهية الكبرى” (4/ 257) : “العقيقة إنما تُسَّنُّ عن سُقط نُفخت فيه الروح؛ كما جَرَيْتُ عليه في شرحي “الإرشاد” و”العُباب” تبعًا للزركشي، وأما ما لم تُنفخ فيه الروح؛ فهو جماد لا يُبعث، ولا يُنتفع به في الآخرة؛ فلا تُسَنُّ له عقيقة، بخلاف ما نُفخت فيه”.انتهى.
وعليه: فيُسَنُّ عند السادة الشافعية العقيقة عن السّقط الذي نُفخت فيه الروح.
وأما بالنسبة للسؤال الثاني: وهو الصدقة عن السّقط. بدايةً فإنَّ السُّقط الذي نُفخت فيه الروح غير مكلَّف فهو من أهل الجنة، وهو لا يحتاج إلى الصدقة أو الحسنات؛ لأن القلم لم يجرِ عليه فهو غير مكلَّف. فعن مُعاذِ بنِ جبلٍ رضيَ اللهُ عنه، عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قال: «وَالَّذِيْ نَفْسِيْ بِيَدِهِ إِنَّ السّقْطَ لَيَجُرُّ أُمَّهُ بِسَرَرِهِ -أي ما تقطعه القابلة من السُّرَّة- إِلَىْ الجَنَّةِ إِذَا احْتَسَبَتْهُ». رواه ابن ماجه في سننه، وفي رواية للإمام أحمد في مسنده: “ما من مسلمَيْن يُتوفَّى لهما ثلاثة، إلا أدخلهما الله الجنة بفضل رحمته إياهما، فقالوا: يا رسول الله! أو اثنان؟ قال: أو اثنان. قالوا: أو واحد؟ قال: أو واحد. ثم قال: والذي نفسي بيده إن السّقط ليجرُّ أمَّه بسَرَرِه إلى الجنة إذا احْتَسَبَتْه“. وقال الإمام النوويُّ الشافعيُّ -رحمه الله- تعالى في كتابه ” المجموع شرح المهذَّب” (5/287): “موتُ الواحدِ من الأولادِ حجابٌ منَ النار ، وكذا السّقطُ” انتهى .
وعليه: فلا مانعَ شرعاً من التصدُّق عنه، لكن السّقط الذي نُفخت فيه الروح لا يحتاج إلى الحسنات؛ لأنه غير مكلَّف. والله تعالى أعلم.
