هل حقن البوتكس لإزالة تجاعيد الوجه حلال أم حرام؟

فتوى رقم 4936 السؤال: السلام عليكم، هل البوتكس لإزالة تجاعيد الوجه حلال أم حرام؟

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

بالنسبة للسؤال عن البوتكس، فإن استعمال مادة البوتكس يدخل تحت باب أحكام عمليات التجميل، باعتبار أنها مادة لها جِرم تُملأ بها الفراغات في الجسد، بخلاف الفيتامينات والسوائل ونحوها، التي تغذي البشرة، فلا مانعَ منها. قال الإمام بدر الدين العينيُّ الحنفيُّ -رحمه الله- في كتابه “عمدة القاري” (20/ 193): “ولا يُمنع من الأدوية التي تُزيل الكَلَفَ، وتحسِّن الوجه للزوج، وكذا أخذ الشعر منه، وسئلت عائشة -رضي الله تعالى عنها- عن قَشْرِ الوجه فقالت:… ” إن كان شيء حدث فلا بأس بقَشْرِه، وفي لفظ: إن كان للزوج فافعلي ..” انتهى. واعلم أن الأصل في استعمال مادة البوتكس أنه إن كان ثمَّة عيب واضح (وليس للحُسن والتجَمُّل) منفِّرٌ للفطرة البشرية السليمة ومُحرج أمام الناس فلا مانعَ منه، بشرط عدم حدوث أيِّ ضررٍ من جرَّاء هذه الحُقَن. فقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته الثامنة عشرة في (ماليزيا) من 24 إلى 29 جمادى الآخرة 1428هـ، بشأن عمليات التجميل، في بيانِ ما يجوز منه: “يجوز شرعًا إجراء الجراحة التجميلية الضرورية والحاجيَّة التي يُقصد منها :

– إعادة شكل أعضاء الجســـــم إلى الحالة التي خُلق الإنسانُ عليها، لقوله سبحانه: (لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) [العلق الآية 4].

– إعادة الوظيفة المعهودة لأعضاء الجسم.

– إصلاح العيوب الخَلْقية مثل: الشفة المشقوقة (الأرنبية)، واعوجاج الأنف الشديد، والوحمات، والزائد من الأصابع والأسنان، والتصاق الأصابع إذا أدى وجودها إلى أذًى ماديٍّ أو معنويٍّ مؤثِّر.

– إصلاح العيوب الطارئة (المكتسبة) من آثار الحروق والحوادث والأمراض وغيرها مثل: زراعة الجلد وترقيعه، وإعادة تشكيل الثدي كليًّا حالة استئصاله، أو جزئيًّا إذا كان حجمه من الكِبَر أو الصِّغَر بحيث يؤدي إلى حالة مرضيَّة، وزراعة الشعر حالة سقوطه، خاصة للمرأة.

– إزالة دمامة تسبِّب للشخص أذًى نفسيًّا أو عضويًّا”. انتهى.

وأما إن لم يكن ثمَّة عيب واضح منفِّرٌ، وإنما المقصود منه التجمُّل والحُسن للوجه -كما هو حال كثير من نساء زماننا للأسف، اللَّواتي يَقُمْنَ بإزالة التجاعيد بالحقن أو نفخ الخدَّيْن والشفتَيْن- أو محو آثار كِبَر السنِّ للإيحاء بصغره، فهذا لا يجوز، وينطبق على هذا الفعل قولُ الله تعالى حكايةً عن إبليس (وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا) [سورة النساء الآية 119]، فتغيير خلق الله هو من المحرَّمات التي يسوِّلها الشيطان للعصاة من بني آدم. 

وننبِّه: إلى أن قَدْرَ التجاعيد في وجه المرأة يختلف باختلاف عمرها، ففي عمر الخمسين -مثلًا- لا تُعَدُّ التجاعيدُ عيبًا فيها، بل هو عادة أمثالها، بخلاف مَن هي في عمر العشرين فالتجاعيد ليس هو عادة أمثالها، لذا فإنَّه يُعَدُّ عيبًا. 

وعليه: فإن كان ما يستعمل له البوتكس -لإزالة تجاعيد امرأةٍ ليس هو عادة أمثالها كمن عمرها عشرين سنة- فإنه يدخل تحت مسمَّى إزالة العيوب المنفِّرة، أو إزالة ما في بقائه ضرر، فلا مانعَ منه، وأما إذا كان المقصود تغييرٌ في الخِلقة لزيادة الحُسن والجمال، -كالتجاعيد الموجودة في وجه امرأة بلغت الخمسين مثلًا- فلا يَحِلّ. والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *