هل يقع طلاق الحائض؟ وما حكم الطلاق في حالة الغضب وعدم الوعي؟
فتوى رقم 4799 السؤال: طلَّقت زوجتي وكانت في فترة الحيض وأرجعتها قبل انقضاء العدة، هل الطلاق يقع أم لا؟ وهل تُحسب طلقة شرعية؟ حيث حصل طلقة وأنا لست واعياً ما أقول، وإذا كانت الطلقة التي حصلت هي وبالحيض مُحتسَبة فيكون عدد الطلقات الواقعة ثلاثاً، ونحن نادمان عليها، لكن بسبب بعض الضغوطات. لاحول ولاقوة إلا بالله. أفتونا مأجورين.
فالجواب، وبالله تعالى التوفيق:
بالنسبة للسؤال الأول : وهو هل يقع طلاق الحائض. نعم يقع الطلاق في حالة الحيض مع الحرمة، باتفاق فقهاء الحنفيَّة والمالكيَّة والشافعيَّة والحنابلة. وعليه: فإن الطلاق الحاصل منك لزوجتك أثناء الحيض يُحسب طلقة.
وأما بالنسبة للسؤال الثاني: وهو النطق بالطلاق في حالة الغضب وعدم الوعي. اعلم أيها السائل: أن الغضب المعهود من الإنسان لا يمنع من وقوع الطلاق، بخلاف الغضب الشديد الذي بلغ بصاحبه حدًّا فَقَدَ معه الشعور والإدراك، بحيث صار لا يَعِي ما يقول، أو يَعِي ما يقول ولكنه لم يستطع معه ضبط نفسه؛ ففَقْدُ السيطرة مع وجود قرائن تدلُّ على ذلك: كضرب وصريخ بحيث تشبه أفعالُه أفعالَ المجنون أو المدهوش -كما يسمِّيه فقهاء الأحناف- فهذا لا يقع طلاقه؛ لما رواه أبو داود وابن ماجه عن أمِّ المؤمنين عائشةَ رضي الله عنها، قالت: سمعتُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم- يقول: «لا طلاق ولا عِتَاق فِي إِغْلاق». والإغلاقُ معناه: انغلاق الذهن عن النظر والتفكير؛ بسبب الغضب الشديد أو غيره. وقد نصَّ مذهب الحنفيَّة والحنابلة على عدم وقوع طلاق الغضبان بالوصف الذي ذكرناه، وسمَّاه الحنفيَّة بطلاق المدهوش؛ قال الفقيه الحنفيُّ ابن عابدين الدمشقيُّ في كتابه: “رد المحتار على الدر المختار” ما نصُّه: “والذي يظهر لي أن كُلًّا من المدهوش والغضبان لا يلزم فيه أن يكون بحيث لا يعلم ما يقول، بل يُكتفى فيه بغلبة الهذيان، واختلاط الجِدِّ بالهزل، ولا ينافيه تعريف الدهش بذهاب العقل، فإن الجنون فنون، ولذا فسَّره في “البحر” -أي: البحر الرائق لابن نجيم- باختلال العقل، وأدخل فيه العته، والبرسام، والإغماء، والدهش. ويؤيد ما قلنا قولُ بعضهم: العاقل مَن يستقيم كلامه وأفعاله إلا نادرًا، والمجنون ضِدُّه. وأيضًا فإن بعض المجانين يعرف ما يقول ويريده، ويذكر ما يشهد الجاهل به بأنه عاقل، ثم يظهر منه في مجلسه ما ينافيه، فإذا كان المجنون حقيقة قد يعرف ما يقول ويقصده، فغيره بالأَولى. فالذي ينبغي التعويل عليه في المدهوش ونحوه: إناطة الحكم بغَلَبَةِ الخلل في أقواله وأفعاله الخارجة عن عادته“. انتهى. باختصار من “الموسوعة الفقهية الكويتية” .(29/18)
وعليه: فان كان الوصف كما ذكرت فالطلاق غير واقع. والله تعالى أعلم.
تنبيه: هذه الفتوى بالشروط المذكورة أعلاه، وإذا كان ثمة أمر غير مذكور في السؤال فلا يُفتى بالفتوى نفسها، بل يجب سؤال أهل العلم من قِبَلِ الزوج الذي حصل معه الأمر.