ما حكم وضع صور الأكل الفاخر على حالات الواتساب؟

فتوى رقم 4326 السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ما حكم وضع صور الأكل الفاخر على حالات الواتساب؟

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

الأصل في نشر تلك الصور للأطعمة الفاخرة الإباحةُ؛ لأنها لا تتضمن ما هو محرَّم، لكنْ إن كان يعلم أن في وضع تلك الصورة ــ على حالة الوتسآب أو إرسالها لبعض المعارف ـــ  التسبُّب في كسر قلوب الفقراء والمساكين ممن لا يستطيع شراء تلك الأطعمة، ففي ذلك كراهة تنزيهية، خاصة في زمن غلاء أسعار الطعام، وتردِّي الأوضاع الاقتصادية في البلاد، كما نراه اليوم في بلدنا لبنان.

وقد يَحرم وضع تلك الصور إن كانت لموائده في بيته أو طعامه الذي يتناوله في المطعم وقصدَ به العُجب والسُّمعة والتفاخر والتكبرُّ والرياء، ففي هذه الحالة يَحرم. ففي الحديث الذي رواه الترمذيُّ وأبو داودَ في سننيَهْما عن ابْن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قال: “إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ طَعَامِ الْمُتَبَارِيَيْنِ أَنْ يُؤْكَلَ”. قال العظيم آبادي في كتابه: “عون المعبود شرح سنن أبي داود” (10/161): “قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْمُتَبَارِيَانِ هُمَا الْمُتَعَارِضَانِ بِفِعْلَيْهِمَا. يُقَالُ: تَبَارَى الرَّجُلَانِ، إِذَا فَعَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِثْلَ فِعْلِ صَاحِبِهِ؛ لِيُرَى أَيُّهُمَا يَغْلِبُ صَاحِبَهُ، وَإِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ؛ لِمَا فِيهِ مِنَ الرِّيَاءِ وَالْمُبَاهَاةِ.”انتهى.

وفي فيض القدير للعلَّامة المـُناوي – رحمه الله تعالى – (6/259): “(المتباريان) أي: المتعارضان بفعلهما في الطعام؛ ليميز أيهما يغلب (لا يُجابان، ولا يؤكل طعامهما) تنزيهًا، فتُكره إجابتهما وأكله؛ لما فيه من المباهاة، والرياء؛ ولهذا دُعي بعض العلماء لوليمة، فلم يُجِبْ، فقيل له: كان السلف يُجيبون، قال: كانوا يدعون للمؤاخاة، والمؤاساة، وأنتم تدعون للمباهاة، والمكافأة.”انتهى.

وروى البيهقيُّ في شُعَبِ الإيمان في الحديث الطويل عن حقوق الجار، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “َلَا تُؤْذِهِ بِقُتَارِ قِدْرِكَ إِلَّا أَنْ تَغْرِفَ لَهُ مِنْهَا، وَإِنِ اشْتَرَيْتَ فَاكِهَةً فَأَهْدِ لَهُ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَأَدْخِلْهَا سِرَّاً، وَلَا يَخْرُجْ بِهَا وَلَدُكَ لِيَغِيظَ بِهَا وَلَدَهُ”. والقُتار: رائحة الطعام ــ  

وعليه: فيُكره وضع تلك الصورة على الحالة الخاصة بالوتسآب إن كان يعلم أن فيها كسر قلوب العاجزين عن شراء هكذا طعام، ويَحرم إنْ وضَعها بقصد الشهرة والتكبُّر والتعالي والرياء. والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *