الدعاء والاستغفار عند الزلازل والهزات الأرضية
الزلازل من آيات الله العظام في هذا الكون يَبتلي بها عباده تذكيرًا أو تخويفًا أو عقوبة، وعلى الإنسان أن يتذكّر حين وقوع هذه الآيات ضَعفَه وعجزَه وذُلّه وافتقارَه بين يدي الله تعالى، فيلجأ إليه سبحانه بالدعاء والتضرع والاستكانة لعل الله يكشف هذا البلاء العظيم عن عموم الناس.
يقول الله عز وجل: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُون * فَلَوْلا إذ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُون).
ولذلك استحبّ الفقهاء رحمهم الله الإكثار من الاستغفار والدعاء والتضرّع والتصدّق عند وقوع الزلازل كما هو المستحب عند حصول الكسوف والخسوف، فقالوا: “ويستحب لكل أحد أن يتضرع بالدعاء ونحوه عند الزلازل ونحوها من الصواعق والريح الشديدة، وأن يصلّي في بيته منفردًا لئلا يكون غافلًا لأنه صلى الله عليه وسلم كان إذا عصفت الريح قال : “اللهم إني أسألك خيرَها وخيرَ ما فيها وخيرَ ما أُرسِلت به، وأعوذ بك من شرِّها وشر ما فيها وشرّ ما أُرسلت به” رواه مسلم.
ويدعو كل مسلم بما يفتح الله عليه مما فيه طلب الرحمة والغوث من الله عزّ وجلّ كي يصرف عن الناس هذا البلاء.
وقال أهل العلم: “الواجب عند الزلازل وغيرها من الآيات والكسوف والرياح الشديدة والفياضانات البِدار بالتوبة إلى الله سبحانه، والضراعة إليه وسؤاله العافية، والإكثار من ذكره جلّ وعلا وكثرة استغفاره، كما قال صلى الله عليه وسلم عند الكسوف: “فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره” متفق عليه، كما يستحب أيضًا الرحمة بالفقراء والمساكين والصدقة عليهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما صحّ عنه: “ارحموا تُرحَموا”، “الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا مَن في الأرض يرحَمْكم مَن في السماء”، وقوله صلى الله عليه وسلم: “من لا يَرحم لا يُرحَم”، وورد عن الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه كان يكتب إلى أمرائه عند وجود الزلزلة أن يتصدّقوا.
ومن أسباب العافية والسلامة من كل سوء: المبادرة إلى الالتزام بكتاب الله، وتحكيم شرع الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما قال الله: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ)، وقال عزّ وجلّ: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيز)، وقال سبحانه: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِب وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُه).
اللهم الْطُف بعبادك وارحمنا بعفوك وردّنا إلى دينك.