بيان علماء الأمّة في الملتقى الدّولي الثاني لمؤسسّات العلماء نصرة للقدس وفلسطين
الحمد لله ربّ العالمين، والعاقبة للمتّقين ولا عدوان إلّا على الظّالمين، والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمّد إمام المجاهدين وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين؛ وبعد:
فقد التقت سبعون من مؤسّسات علماء الأمّة للتباحث المشترك حول مستجدات قضيّة فلسطين وما تعانيه من عدوان صهيونيّ متجدد ومتصاعد وما يحيق بالقدس والمسجد الأقصى المبارك من مكائد ومكر صهيوني وتواطؤ دولي وخذلان رسميّ إسلاميّ.
وإنّ العلماء المشاركون في الملتقى الدولي الثاني إذ يجددون العهد على العمل بأقصى الطاقة والوسع خدمة لقضيّة فلسطين ونصرة لأهلها المرابطين المجاهدين فإنّهم يؤكّدون الآتي:
أولًا: يؤكّدُ العلماءُ أنّ فلسطين كلّها أرضٌ إسلاميّة وهي حقّ المسلمين جميعًا، ويؤكّدون أنّ المسجد الأقصى المبارك حقّ خالص للمسلمين وحدهم بكلّ أجزائه وتفصيلاته ومن فوقه وتحته وليس لغير المسلمين فيه حقّ أبدًا، ويؤكّدون أنّ العمل على تحريرِ فلسطين والقدس والمسجد الأقصى المبارك والذّود عنها ومواجهة المؤامرات التي تحاك ضدّها والتّصدّي للمكائد التي تتربّصُ بها واجبٌ شرعيّ على كلّ مسلمٍ كلٌّ بحسب موقعه وتخصّصه وقدرته.
قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا ۖ نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ” الصّف: 10-13.
ثانيًا: يؤكّد العلماء أنّ الطريق إلى تحرير فلسطين وتطهيرها من دنس المحتلّين هو الجهاد في سبيل الله تعالى بكلّ أشكاله، كما يحذّرُ العلماء الأمة الإسلاميّة حكّامًا وشعوبًا من التّقاعس عن نصرة أهلنا وأبناء شعبنا الفلسطينيّ في مواجهة الإجرام الصّهيوني وخذلانهم، مؤكدين على أنّ الإجرام الصّهيونيّ تستهدف الأمة كلها في دينها وعقيدتها ومقدّساتها، وإنّ خذلان أهلنا في فلسطين والتقاعس عن مواجهة الجريمة الصّهيونيّة الجديدة ينذر بالخذلان في الدّنيا والخزي في الآخرة.
قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ ۚ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ ۚ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ * إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” التوبة: 38،39.
ثالثًا: يحيّي العلماء المقاومة الفلسطينيّة فصائلًا في مختلف أنحاء فلسطين وأفرادًا يواجهون المحتلّ منفردين في الضّفة الغربيّة الباسلة ويثمّنون، ويؤكّد العلماء أنّ هذه المقاومة البطوليّة هي التي تذيق العدوّ الصّهيونيّ وبال أمره وتجعله يعيدُ حساباتِه ويرتدع عن غيّه وعدوانه، ويدعون فصائل المقاومة الفلسطينيّة إلى تعزيز وحدة صفّها وتماسكها، كما يؤكّد العلماء على وجوب التفاف الامّة حول المقاومة الفلسطينيّة ودعمها في حربها مع الكيان الصّهيونيّ، بكلّ الوسائل الممكنة الماديّة والمعنويّة.
عنْ أنس رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: “جاهِدُوا المُشرِكينَ بِأَموالِكُمْ وأَنْفُسِكُم وأَلسِنَتِكُم” رواه أبو داود بسندٍ صحيح
رابعًا: يطالبُ العلماء الحكامَ العرب والمسلمين بالمبادرة إلى تسجيل موقفٍ مشرّفٍ تحفظه لهم الأجيال في مواجهة الإجرام الصّهيوني، وهذا واجبٍ على عاتقِ الشّرفاء منهم في ظلّ الانهيار الذي تعيشه المنظومة الرسّميّة العربيّة والإسلاميّة، وليعلموا أنّهم موقوفون يوم القيامة ومحاسبون على واجبهم تجاه أرض الإسراء والمعراج، كما يؤكّد العلماء أنّ هرولة بعض الأنظمة إلى التطبيع مع الكيان الصهيونيّ وتجريم المقاومة وداعميها هو مساندة للجرائم الصّهيونيّة المتصاعدة بحق القدس والأقصى والضّفة الغربيّة وغزّة وسائر فلسطين، ويدعو العلماء هؤلاء المطبعين لمراجعة مواقفهم والتوبة إلى الله تعالى والالتفاف مع شعوبهم الحيّة في مواجهة الكيان الصّهيونيّ الذي لن ينفعهم ولن يحافظ على عروشهم كما يتوهّمون.
قال تعالى: “فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ۚ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ” المائدة:52.
خامسًا: يدعو العلماء الموقعون على البيان عموم مؤسسات علماء الأمّة إلى تنسيق جهودها والتواصل الحثيث فيما بينها والاتفاق على منهجيّة عمل موحّدة وآليات وبرامج مشتركة ومتناسقة ومكثّفة لمواجهة الإجرام الصّهيونيّ المتصاعد.
وإنّ على علماء الأمّة أن يكونوا أهل الريادة والسبق في توحيد الجهود وتنسيقها دفاعًا عن أرض الإسراء والمعراج.
قال تعالى: “وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ” آل عمران: 103
سادسًا: يطالب العلماء منظمة التّعاون الإسلاميّ ووزارات الأوقاف في العالم الإسلامي إلى التحرّك العاجل على المستويات كافّة، والعمل مع الجهات الرّسميّة والدّوليّة لإيقاف هذا الإجرام الصّهيونيّ الممنهج في فلسطين عمومًا والذي يستهدف المسجد الأقصى المبارك على وجه الخصوص.
كما يدعونها إلى توجيه الخطباء والدّعاة والمتحدّثين إلى حضور القدس والأقصى في خطبهم المنبريّة ودروسهم المسجديّة وبرامجهم الإعلاميّة ولقاءاتِهم المباشرة عبر وسائل التّواصل الاجتماعيّ.
سابعًا: يطالب العلماء جميع علماء ودعاة وخطباء الأمة الإسلاميّة -لا سيّما علماء وخطباء المسجد الحرام والمسجد النبويّ شقيقَي المسجد الأقصى المبارك- إلى حشد طاقاتهم واستنفار جهودهم لبيان ما يجب على الأمّة لمواجهة هذا الكيان الغاصب، والاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى المبارك ووجوب دعم المرابطين في القدس والأقصى، وخطورة التّطبيع على الأمة كلّها وعلى القدس والمسجد الأقصى المبارك.
قال تعالى: “الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا” الأحزاب: 39.
ثامنًا: يدعو العلماء أبناء أمتنا الإسلاميّة إلى بثّ الرّوح الوثّابة في شعيرةِ الجهاد بالمال في سبيل الله تعالى، والتحرّك الواسع بالوسائل الممكنة والمتاحة لبذل المال دعمًا لأهلنا المرابطين في فلسطين؛ فهم خطّ الدّفاع الأوّل عن امّتنا ومقدّساتنا.
قال تعالى: “لَّا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ ۚ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً ۚ وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَىٰ ۚ وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا” النّساء: 95.
تاسعًا: يطالب علماءُ الأمة النخب وقادةَ الفكرِ والمؤثرون فيها إلى حشدِ الطّاقاتِ واستنفارِ الجهودِ لإحياء قضية المسجدِ الأقصى في قلوبِ أبناء الأمة، وتوجهيهم لنصرتهِ بالوسائل المتاحةِ كافّة، ودعمِ مشاريع المسجدِ الأقصى الماديّة والعلميّة المختلفة ممّا يُسهمُ في ثباتِ أهلِنا المرابطين في ساحاتِ المسجد الأقصى المباركِ، والعمل على حشدِ الجماهير لنصرةِ المسجد الأقصى المبارك، ومن ذلك تسيير مظاهراتٍ شعبيّةٍ غاضبةٍ حيث يمكن ذلك يقودُها العلماءُ في البلاد الإسلامية المختلفة، والقيام باعتصاماتٍ تحاصر سفارات الكيان الصّهيونيّ حيثما توجد في عالمنا الإسلامي وحيثما يمكن ذلك، وتحريك الرأي العام العالميّ المناصرِ لقضيتنا لا سيّما في أوروبا، وأنّ هذا من إساءة الوجه الواجب للكيان الصّهيونيّ الغاشم.
قال تعالى: “فإذا جَاءَ وَعْدُ الآخرة لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أول مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا” الإسراء:7
عاشرًا: يحيّي العلماء أبطال فلسطين في غزّة العزّة وفي الضّفة الباسلة وفي القدس وفي أرضنا المحتلة عام 1948م نساءً ورجالًا من المرابطات والمرابطين الذين يهبّون على الدوام بكلّ ما في قلوبهم من عزّة الإيمان وحبّ المسجد الأقصى المبارك، فداءً للأقصى المبارك ودفاعًا عنه فهم عنوان البطولة والرّجولة.
قال تعالى: “فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ” النور: 36-37.
حيّا الله أهلنا المرّابطين في ساحات الأقصى المجاهدين الثابتين، وحيا الله المقاومين القابضين على الزناد المتيقظين لعدوان الصّهاينة، وإنّ النّصر صبرُ ساعة، وإنّ مع العسر يسرًا.
والحمد لله ربّ العالمين.
18 ديسمبر 2022
Pingback : جمعية الاتحاد الإسلامي مشاركة جمعية الاتحاد الإسلامي في الملتقى الدولي الثاني لمؤسسات العلماء نصرة للقدس وفلسطين - اسطنبول - جمعية الاتحاد