علمت أنها ستتعرَّض للاغتصاب ثم القتل فقامت بقتل نفسها، هل فعلها هذا يبرَّر شرعًا؟ وهل لو وقع الاغتصاب تُعتبر زانية؟
الفتوى رقم 3190 السؤال: السلام عليكم، هل المنتحر يكفر بانتحاره؟ وهل يخلَّد في نار جهنم؟ فثمَّة امرأة في سوريا علمت أنها ستتعرَّض للاغتصاب ثم القتل فقامت بقتل نفسها، هل فعلها هذا يبرَّر شرعًا؟ وهل لو وقع الاغتصاب تُعتبر زانية؟
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
المنتحر المسلم لا يكفر إلا إذا اعتقد حِلَّ قتل نفسه، ويكون بذلك قد ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب فأمره إلى الله تعالى، فإن شاء عذَّبه وإن شاء غفر له، قال الله تعالى: (إنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُوْنَ ذلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) [سورة النساء الآية: 48]. وروى البخاريُّ ومسلم في صحيحَيْهما من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ﷺ: “مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا -أي: يَطعن بها- فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا أَبَدًا. وَمَنْ شَرِبَ سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا. وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا”. والخلود في الحديث محمول على المستحِلِّ للانتحار.
وأما بالنسبة للمرأة التي انتحرت فأَمْرُها إلى الله تعالى، ونسأل الله أن يغفر لها وأن ينتقم من المجرمين.
وأما بالنسبة لوقوع الاغتصاب فلا تكون زانية، بلا خلاف بين العلماء نعلمه. قال الفقيه ابن عبد البرِّ المالكيّ -رحمه الله- في كتابه “الاستذكار” (7/511): “لا خلاف عليه علمتُه بين علماء السلف والخلف: أن الـمُكرَهة على الزنى لا حدَّ عليها، إذا صحّ إكراهها واغتصابها نفسها. وقد قال رسول الله ﷺ: “تجاوز الله عن أمَّتي الخطأ والنسيان وما استُكرِهوا عليه”. انتهى.
والله تعالى أعلم.