هل المعلومات الواردة في هذه المطوَّية صحيحة؟
الفتوى رقم 2115 السؤال: هل المعلومات الواردة في هذه المطوَّية صحيحة؟
ما يحرم فعلُه على غير المتوضِّئ إعداد أ. د. حسن أبو غدة.
يحرم على غير المتوضئ -المحدث حدثًا أصغر- فعل ثلاثة أمور فقط هي:
1- الصلاة مطلقًا: فرضًا أو نفلًا، فلا يجوز أداؤها بغير وضوء للآية: (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ…) [سورة المائدة الآية:6.]، ولحديث الشيخين: “لا يقبل الله صلاةَ أحدكم إذا أَحْدَثَ حتى يتوضَّأ”. ومثلُ الصلاة المعتادة صلاةُ الجنازة، وسجود التلاوة، وسجود الشكر؛ لأنها في معنى الصلاة من حيث التقرُّب إلى الله، والتعبُّد له سبحانه، وهذا قول عامَّة فقهاء السلف، وفقهاء المذاهب الأربعة.
2- مسُّ المصحفِ أو بعضِه: لا يَحِلُّ لغير المتوضِّئ مسُّ المصحف أو بعضه، كالأجزاء، واللفظ أي: الكلام القرآني في اللوحات وفي الأوراق فلا تُمَسُّ من غير حائل كقماش أو عود ونحوه، ذلك للآية: (لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) [سورة الواقعة الآية:79]، ولما رواه مالك والدارميُّ -وهو حديث حسن- أن النبيَّ ﷺ كتب إلى عمرو بن حزم: “أن لا يَمَسَّ القرآنَ إلا طاهر”. والآية والحديث تشملان الطهارة من الحدثين جميعًا. والمسُّ الممنوع هنا: ما كان بيد الإنسان، أو بغيرها من أعضائه، أو أجزاء جسمه كصدره وكتفه، وذلك لعموم النصَّيْن. وهذا قول جمهور فقهاء السلف وفقهاء المذاهب الأربعة، ولغيرهم تفصيل في ذلك. أما حَمْلُ غيرِ المتوضِّئ المصحفَ في كيس وعلَّاقة ونحوها، فأجازه الحنفيَّة والحنابلة، وكرهه مالك والشافعيّ؛ لفوات تعظيم القرآن في هذه الحال. وأما كتب التفسير والفقه ونحوه فيجوز حملها ومسُّها دون مسِّ اللفظ القرآنيِّ فيها؛ لأنها لا يقع عليها اسم القرآن وليس لها حرمته، وقد كتب النبيُّ ﷺ إلى قيصر -وهو غير مسْلِمٍ ولا متوضِّئ- كتابًا فيه آية، فدل على جواز هذا.
وجوَّز بعض أهل العلم مسَّ الصغارِ القرآنَ أو بعضَه؛ وذلك للحاجة إلى تعليمهم وتحفيظهم، ودفعًا لمشقة استمرار الطهارة معهم. أما الهواتف المحمولة فلا ينطبق عليها حكم المصحف ولا هي مثله؛ لأنها تحوي أنواعًا متعددة من الإعلانات والصور والأخبار والذكريات والمواقع… إلخ. فيجوز حمل غير المتوضِّئ الجوالَ الذي فيه قرآن.. كما يجوز أن يقرأ فيه القرآن ولو كان غير متوضِّئ. وكذلك يجوز مسُّ اللفظ القرآنيِّ في الهواتف النقَّالة لوجود حائل زجاجيٍّ أو “بلاستيكي” لكن لا يجوز للجُنُبِ والحائض والنُّفَساء قراءةُ القرآن والتلفُّظُ به، سواء من الجوال أو من المصحف، وهذا أمر آخر ذكره فقهاء المذاهب الأربعة… لكنْ لا حرج على الجُنُبِ والحائض والنُّفَساء في النظر في القرآن بعينيه والقراءة بهما دون تلفُّظ… ومما يتصل بتعظيم القرآن: أنه يَحْرُمُ تعريضُه للإهانة، كالاستناد عليه في الكتابة، أو توسُّدِهُ أو النوم عليه، أو مسِّه بواسطةٍ نجسة، كخِرْقة وعود نجسَيْن. كما يُكره استدبار المصحف، ومدُّ الرِّجل نحوه، أو المرور فوقه، أو رميه، أو وضعه على الأرض بلا ضرورة، والأصل في جميع ذلك قوله تعالى: (وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ) [سورة الحج الآية: 32]، وكذا ما في الصحيحين: “نهى رسول الله ﷺ عن السفَر بالقرآن إلى أرض العدو”. وذلك مخافةَ استيلاء الكفار عليه وإهانته واحتقاره.
3- الطواف بالكعبة مطلقًا: يَحْرُمُ على غير المتوضِّئ الطوافُ بالكعبة لفرض أو نفل، وهذا قول عامة الفقهاء؛ لحديث الترمذيِّ والحاكم وصحَّحه: “الطواف بالبيت صلاة، إلا أنَّ اللهَ أباح فيه الكلام”. وروى الشيخان: “أن أول شيء بدأ به النبيُّ ﷺ حين قدم، أنه توضَّأ ثم طاف بالبيت”. ويرى بعض الحنفيَّة وبعض المالكيَّة وابن تيميةَ وابنُ القيِّم: أن طواف غير المتوضِّئ صحيح، وأن الطهارة حال الطواف مستحبة؛ لانتفاء الدليل الصريح على وجوبها. أما السعي بين الصفا والمروة ورمي الجمرات ونحوه فلا تُشترط لها الطهارة وهي غير واجبة فيها، وبهذا قال جمهور العلماء، منهم فقهاء المذاهب الأربعة.
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
لا حرج في هذه المطويَّة باستثناء مسائل ثلاث، الصوابُ فيها ما يأتي:
1- الراجح أن الشافعيَّة منعوا حمل المصحف في كيس على غير طهارة كاملة إذا كان لوحده، ونصُّوا في كتبهم على الحُرمة.
2- قراءة الجُنب للقرآن محرَّمة ولو بتحريك الشفتين، وأما الإمرار على القلب -أي القراءة بقلبه أو عينه دون تحريك الشفتين- لا حرج فيها.
3- يَحْرُمُ رميُ المصحفِ على الأرض، وإذا كان على سبيل الاستهانة يكفر فاعله، بخلاف وضعه على الأرض فيُكره.
والله تعالى أعلم.