حكم سفر المرأة إلى العمرة بدون مَحرم

فتوى رقم 5042 السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا امرأة مطلَّقة، وقد سبق أن أديت العمرة والحج، وأسكن حاليًا مع أختي غير المتزوجة، ووالدانا متوفَّيان. نرغب أنا وأختي في أداء العمرة مرة أخرى، ولكن ليس لدينا مَحرم يرافقنا، ونفكِّر في السفر مع حملة منظّمة في البر. فهل يجوز لنا الذهاب إلى العمرة بدون مَحرم في هذه الحالة؟ جزاكم الله خيرًا، وأنا بانتظار فتواكم.

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

اتفق فقهاء المذاهب الأربعة -وبعضهم نقل الإجماع- على حرمة سفر المرأة بدون مَحرم أو زوج. وقد دلَّ على ذلك حديث البخاريِّ في صحيحه أن النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «لا تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، وَلا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ، فَقَالَ: اخْرُجْ مَعَهَا». وروى مسلمٌ في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَم». قال الإمام النوويُّ -رحمه الله- في شرحه للحديث: “فَالْحَاصِل أَنَّ كُلّ مَا يُسَمَّى سَفَرًا تُنْهَى عَنْهُ الْمَرْأَة بِغَيْرِ زَوْج أَوْ مَحْرَم”. انتهى. وقد نقل الحافظ ابن حجر العسقلانيُّ رحمه الله في كتابه “فتح الباري” (4/76) اتفاقَ الفقهاء على منع سفر المرأة بلا محرم، إلا في مسائلَ مستثناة، فقال: “قال البغويُّ: لم يختلفوا في أنه ليس للمرأة السفر في غير الفرض (الحج الواجب) إلا مع زوج أو مَحرم، إلا كافرة أسلمت في دار الحرب أو أسيرة تخلَّصت. وزاد غيره: أو امرأة انقطعت من الرفقة فوجدها رجل مأمون فإنه يجوز له أن يصحبها حتى يبلغها الرفقة”. انتهى. قال الحافظ ابن حجر العسقلانيُّ -رحمه الله تعالى- في “فتح الباري”: “واستدلُّوا به على عدم جوازِ السفر للمرأة بلا مَحْرَمٍ، وهذا إجماعٌ في غير الحجِّ والعُمرة، والخروجِ من دار الشركِ”. انتهى. ونصَّ فقهاء الشافعية في كتبهم المعتمدة أنه يجوز -ولا يجب- سفر المرأة لتأدية فريضة الحج والعمرة إذا كانت لوحدها، بشرط أَمْنِ الطريق.

وعليه: فلا يَحِلُّ السفر للمرأة بدون مَحرم أو زوج إلا في تأدية فريضة الحجِّ والعمرة، بخلاف نافلة الحجِّ والعمرة فلا بدَّ من مَحرم، أو زوج. والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *