حكم وضع علم بريطانيا على المنتجات المصنوعة في بريطانيا – فتوى شرعية مفصّلة

فتوى رقم 5029 السؤال: ثمة شخص يعمل في شركة لإنتاج المياه الغازية، وتشترط عليه الشركة أن يضع على المنتج عَلَمَ بريطانيا، للدلالة على أن المنتج مصنوع بجودة بريطانية. لكنَّ عَلَمَ بريطانيا يحتوي على صليب، فهل يجوز له شرعًا القيام بهذا الفعل؟

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

بدايةً، فإنَّ العَلَمَ البريطاني الذي يوضع على المنتج البريطاني، يُقصد منه الإعلام بالبلد المنتج، ولا يُقصد منه الرمز الديني -الصليب- عند النصارى، مع أن العَلَمَ  يتضمَّن صلباناً متعددة، فالأعلام والشعارات تابعة، وليست مقصودة في السلعة، ووضعها لا يُعَدُّ كفراً ولا معصية، لكنْ يُكره ذلك عند جمهور الفقهاء، والأفضل عدم وضعه. ومعلوم في القواعد الفقهية أنه يُغتفر في التابع ما لا يُغتفر في المتبوع، ويَصِحُّ تبعاً ما لا يَصِحُّ استقلالاً. وقد ذكر الإمام السيوطيُّ -رحمه الله تعالى- في كتابه “الأشباه والنظائر” (ص121) قاعدة: (التَّابِع لَا يُفْرَدُ بالحكم)، وفيه أيضاً: (يُغتفر في الشيء ضمناً ما لا يُغتفر فيه قصداً). وقد أشار الإمام النوويُّ الشافعيُّ -رحمه الله- إلى ما ذكرناه في كون الصليب غير مقصود وإنما بلد المنتج- فقال : “وأما الثوب الذي فيه صور، أو صليب، أو ما يُلهي، فتُكره الصلاة فيه، وإليه، وعليه.. ” . انتهى. أي أن المقصود هو لبس الثوب وليس الصليب. وقال العلَّامة البهوتيُّ الحنبليُّ -رحمه الله- في كتابه ” كشَّاف القِناع” (1/334): “ويُكره جعلُ صورة الصليب في الثوب ونحوه، كالطاقية والدراهم والدنانير والخواتيم وغيرها، لقول عائشةَ: “إن الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم كان لا يترك في بيته شيئاً فيه تصليب، إلا قَضَبَه”. رواه أبو داود. قال في الإنصاف: ويحتمل تحريمه، وهو ظاهر”. انتهى.

وعليه: فلا يحرم جعل علم بريطانيا على المنتجات المصنَّعة هناك؛ لأن المقصود علم البلد المنتج لتلك السلعة، وليس القصد الصليب، للقاعدة الفقهية” يُغتفر في الشيء ضمناً ما لا يُغتفر فيه قصداً”. والله تعالى أعلم.

تنبيه: إذا كان المنتج محلياً أو غير مصنَّع في بريطانيا فيَحرم حينئذ الزعم بأنه انتاج بريطاني ووَضْعُ العَلَمِ عليه؛ لأنه تدليس على المشتري، وهذا يدخل تحت مسمَّى الغش والخديعة والكذب، فقد روى مسلم من حديث أبي هريرةَ رضي الله عنه، أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: “مَن غشَّنا فليس منَّا”.