هل تكفي أضحية واحدة عن الأسرة؟ وما حكم الأضحية عن المتوفّى؟


فتوى رقم: 4984 السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، إذا أردت أن أقدِّم أضحية، فهل تكفي أضحية واحدة عني وعن زوجتي وابنتي؟ أم يجب أن يكون لكلِّ فرد أضحية؟ وهل يجوز أن أُضحِّي عن والدي المتوفَّى؟ وما هي شروط الأضحية؟

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

بالنسبة للسؤال الأول: تجزئ الأضحية عن صاحبها وعن أهل بيته الذين يسكنون معه ويُنفق عليهم؛ لما رواه مسلم عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها :”أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلَّى الله عليه وسلَّم أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ، يَطَأُ فِي سَوَادٍ (في رجليه سواد)، وَيَبْرُكُ فِي سَوَادٍ (في بطنه سواد)، وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ (حول عينيه سواد)، فَأُتِيَ بِهِ لِيُضَحِّيَ بِهِ. فَقَالَ لَهَا: “يَا عَائِشَةُ هَلُمّي الْمُدْيَةَ”. ثُمّ قَالَ “اشْحَذِيهَا بِحَجَرٍ” فَفَعَلَتْ. ثُمّ أَخَذَهَا، وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ. ثُمّ ذَبَحَهُ. ثُمّ قَالَ”بِاسْمِ اللّهِ. اللّهُمّ تَقَبّلْ مِنْ مُحَمّدٍ وَآلِ مُحَمّدٍ. وَمِنْ أُمّةِ مُحَمّدٍ” ثُمّ ضَحَّى بِه”. ولما رواه مالك وابن ماجه والترمذيُّ وصحَّحه عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ؛ قَالَ: “سَأَلْتُ أَبَا أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ: كَيْفَ كَانَتِ الضَّحَايَا فِيكُمْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم؟ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ، فِي عَهْدِ النَّبِيّ ِصلَّى الله عليه وسلَّم، يُضَحِّى بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ. فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ. ثُمَّ تَبَاهَى النَّاسُ، فَصَارَ كَمَا تَرَى”. ونصَّ فقهاء الشافعية على أنَّ مَن ذبح أضحيةً عنه وعن أهله، أو عنه، أو عنه وأشرك غيرَه (كوالدَيْه مثلًا) في ثوابها جاز. ملخَّصاً من “مغني المحتاج” للخطيب الشربيني (4/285).

وعليه :فبالإمكان أن تُشرك أهلَ بيتك ومَن ترغب في ثواب الأضحية. 

وأما بالنسبة للسؤال الثالث: فإن للأضحية شروطاً:

أولها: أن تكون من الأنعام باتفاق العلماء، والأنعام: هي الإبل والبقر والغنم والمعز، ويمكن أن يشترك سبعة أفراد في الإبل والبقر، وأما الغنم والمعز فلا يُشترك فيها، والأضحية المقصود منها هي التي تذبح بعد صلاة العيد بهذه النية، ولا يَصِحُّ شراء اللحم وتوزيعه على نية الأضحية، -ويُعتبر اللحم الذي اشتُرِي صدقة ينال به صاحبه الأجر والثواب- يقول الله تعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَاْنْحَرْ)  [سورة الكوثر الآية: 2]. وروى البخاريُّ في صحيحه، عن الصحابيِّ البراءِ بن عازبِ رضي لله عنه، قال :“خَطَبَنَا النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يَومَ النَّحْرِ، قَالَ: إنَّ أوَّلَ ما نَبْدَأُ به في يَومِنا هذا أنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ، فَنَنْحَرَ، فمَن فَعَلَ ذلكَ فقَدْ أصابَ سُنَّتَنَا، ومَن ذَبَحَ قَبْلَ أنْ يُصَلِّيَ فإنَّما هو لَحْمٌ عَجَّلَهُ لأهْلِه، ليسَ مِنَ النُّسُكِ في شيءٍ“…

وثاني الشروط بلوغ السِّن، فالإبل يشترط أن تُتِمَّ خمس سنين وتدخل في السادسة، والبقر ما أتمَّ سنتين ودخل في الثالثة، والغنم ما أتمَّ ستة أشهر، والماعز ما تمَّ له السنة ودخل في الثانية.

وثالث الشروط: أن تكون سمينة، وسليمة من العيوب الـمُنقصة في اللحم؛ لما رواه أبو داودَ وغيرُه عن البراء بن عازبٍ، أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء البَيِّنٌ عَوَرُها، والمريضة البَيِّنٌ مرضها، والعرجاء البَيِّنٌ ظَلَعُها -أي: عَرجُها-، والكَسِيرة التي لا تُنْقي«، أي التي ليس لها مُخٌّ في عظامها”. فهذه العيوب الأربعة قد أجمع العلماء عليها، فلا تجزئ الأضحية مع وجود واحد منها في الأضحية، وكذا ما كان في معناها، مما هو مُشِين لذاتها، أو مانع من مساواتها سائرَ المواشي في المشي والرَّعْيِ ونحو ذلك، فالمقصود من تلك العيوب حصول ما ينتج عنها وهو الهُزال ونقصان اللحم البيِّن، أي: الواضح.

ورابعها: أن يكون وقت الذبح بعد طلوع شمس يوم النحر -عيد الأضحى-بمقدار ما يتسع لصلاة ركعتين وخُطبتين، ويستمرُّ وقتها إلى غروب شمس آخر أيام التشريق – اليوم الرابع للعيد.

وعليه: فإذا استوفت الأضحية هذه الشروط صحَّت. والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *