تزوج على زوجته بسبب مرضها وعدم قدرتها على فتح منزل، ولكنها الآن ناشز، هل يأثم بطلاقها؟

فتوى رقم 4796 السؤال: قريب لي متزوج منذ ١٤ سنة امرأة مريضة بمرض جسدي عُضال يُتلف الأعصاب، بالتالي فهي غير قادرة على مسؤولية فتح منزل والاهتمام به وهي غير قادرة على الإنجاب، ولكنه لم يتزوج عليها ولا تخلَّى عنها، رغم تكلفة علاجها العالي، لأنه نادر حتى تكلف تكاليف عمليات إنجاب رغم معرفتهم بعدم القدرة على ذلك، لكنْ من باب جبر الخاطر، ورغم هذا كلِّه كانت كثيرة الطلبات وكثيرة السفر ومصاريفها كثيرة، وهو لا يرفض لها طلباً؛ إلا أنه تزوج من أجل إنجاب طفل ولم يتخلَّ عنها بل زادت طلباتها أكثر وأكثر وبتكاليف عالية، مع إضافة أنه ترك العمل وهي على دراية بالموضوع، ورغم ذلك لم يقم بالرفض؛ وذلك من باب العشرة ومراعاة خاطرها، حتى أنه لم يعدل من جهات المصاريف بينها وبين الثانية؛ فالثانية كانت لا تتدخل و لا تطلب شيئاً حتى لو كان أساسيًّا وذلك مراعاة للظروف، حتى أنه كان يتكلم معها كل الوقت وأمام زوجته الجديدة دون مراعاة مشاعرها للجديدة بحجة أن تلك المشاعر أهم فهي صادقة وبعيدة، وبعد زواجه زادت حالتها الجسدية سوءًا وأصبح شكلها غريب وغير قادر لا على إعالة زوجها ولا إقامة علاقة طبيعية ولا شيء من هذا القبيل، ورغم ذلك طلب منها القدوم إليه وبعث الثانية الى أهلها، ومنذ أن تزوج الثانية وهي كل يوم عتاب ونكد والزوج ساكت ومتحمِّل كلامها الكبير بحجة مشاعرها على أمل أن يأتيَ يوم وتتقبل الواقع، وعندما جاءت زادت المشاكل أكثر وأكثر واتفقوا على أن لا يتخلَّى عنها ولكن تتغير المعاملة، فكل شيء انتهى، سيبقى متكفِّلاً بالعلاج ومصروفها الشخصي، وسيبقى يتحدث إليها ولكن ليس كما سبق؛ وذلك احترامًا لزوجته الجديدة، ولم يعد ثمة حديث بينهما؛ فجميع كلامها كبير وعتب منذ سنتين وحديثها كلُّه على زوجته الجديدة دون جدوى، وليزيد الطين بِلَّةً أنه لو لم يكن يخاف من الله لكان تخلى عنها منذ زمان، وهو يخاف الدعاء جدًّا، وعرف أنها تدعو عليه أدعية عظيمة، وكانت قد أنزلتها على برنامج هو لا يعلم عنه شيء على شكل فيديوهات، ولكن انكشف ذلك، هنا كانت الشعرة التي قصمت ظهر البعير، والآن هو يبعث لها المال ويتحدث إليها ولا ينقطع عنها، ولكن ظروفه المادية لا تسمح له برؤيتها، وللأمانة هو لا يريد رؤيتها، فمسؤوليتها أصبحت أصعب جسديًّا، وكل الوقت مشاكل، ولكن هي تدَّعي أنه لا يخاف الله، وأنه هاجرها، رغم أنه لا يستطيع إقامة علاقة معها فهو يقوم بما أملاه عليه ضميره أمام الله، وهذه هي طاقته التي نفدت، فهمُّه كبير أيضًا وهي تطالبه بأكثر من طاقته.

السؤال: هل هو مخطئ؟ هل عليه أن يطلِّقها ويبقى مسؤولاً عنها ماديًّا فقط، رغم أن الجميع سيلومها ولا أدري لماذا، أم يبقى على ما هو عليه فهو لا يستطيع أن يقوم بأكثر من ذلك؟ وهو قلبه ليس صافياً تجاهها؛ فعندما وقع وجد أنها قامت بصرف المال الذي ادَّخره معها، لكنه يكلمها من باب دوام العشرة وليس كزوج وزوجة ولكن لا يريد أن يتخلَّى عنها بناء على طلبها، فهل الصحيح التخلِّي؟ أو هو يقوم بالصحيح ببقائه على ما هو عليه؟

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

الواجب على هذه الزوجة أن تكون شاكرة لجميل زوجها، من قيامه بالنفقة عليها، بل وزيادة عما هو واجب عليه- فالطبابة والأدوية والسفر ونحوها مما لا يدخل تحت مسمَّى النفقة الواجبة-، والواجب عليها أن لا تَكْفُرَ حُسْنَ العِشرة التي يقوم بها زوجها، رغم مصابها ووضعها الصحي، وسوء تعاملها معه، ونذكِّر تلك الزوجة بما رواه البخاريُّ في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «أُرِيتُ النارَ فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن. قيل: أيكفرن بالله؟ قال: يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنتَ إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئًا، قالت: ما رأيت منك خيراً قَطُّ». فعلى هذه الزوجة التي ابتلاها الله بالمرض أن تتقي الله تعالى في زوجها، وأن تكون من تلك الزوجات التي قال عنهن النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «إذا صَلَّتِ المرأةُ خَمْسَها، وصامت شهرها، وحفظت فَرْجَها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أيِّ أبواب الجنة شئت» رواه أحمد في مسنده. والمطلوب من الزوج أن يستمرَّ في النفقة عليها والاهتمام بحالتها الصحية وهو مأجور على ذلك. وأما بالنسبة لهجر الزوج لبيت الزوجة الأولى المريضة، بأن لا يبيتَ عندها، فهذا الأمر منهيٌّ عنه، فالمطلوب منه أن يصارحَها، بأنها إن استمرت على هذا الشيء المؤذي له، فإنه سيطلِّقها.  

وعليه: فما قام به الزوج من تزوُّجه بامرأة ثانية لا يُعَدُّ مخالفةً للشرع، وما يقوم به من النفقة، ومنها الطبابة والعلاج مأجور عليه، وأما مسألة الهجر فالأصل أن يكون الهجر لها داخل البيت وليخبرها أن سبب هجرها داخل البيت هو بسبب سوء معاملتها له، فإن لم تستجب فبإمكانه حينئذ أن يطلِّقها، وليخبرها بذلك، فإن استجابت وتوقفت عن سوء الخُلق والدعاء عليه، فليُحسن إليها، وإلا بأن استمرت بأذيته في الكلام فيمكنه طلاقها، ولا حرجَ عليه في ذلك . والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *