أبعد من حادثة “شارلي إيبدو”!

 كان أبرزَ حدثٍ دولي هزّ العالَم مع افتتاح هذا العام الجديد 2015 -وله مساس بالإسلام وسُمعته وصورته -هو الهجومُ المسلّح على الصحيفة الفرنسية «شارلي إيبدو» في باريس إثر تكرُّر إساءاتها إلى أعظم الخَلْق وأشرفهم طُهراً ونَسَباً، وأعظمِهم مكانةً وشَرَفاً، وأرفعهم خُلُقاً وفضلاً -سيد العالمين وخاتم المرسلين -برسوم دنيئة تشمئزّ منها النفوس تعبّر عن مستوى أخلاق رئيس تحرير الصحيفة والرسّامين لتلك الرسوم وأخلاق من يدافعون عنها ويبرّرون لها! 

تابعنا كما هي العادة في كل حدث كبير أو خطير ردّات الفعل فانصبَّتْ بسطحية في أكثرها وبتأثير لُعبة الإعلام الصهيو -صليبي على توصيف وتفاصيل الحدث الظاهر مع شكوكنا بكثير منها التي حيث كشف سَيْلُ الصور والاعترافات والتصريحات والمقابلات عن تناقضاتِها الخفية مما يدل على مكر أيدي خفية لئيمة.. في المقابل ولم نلاحظ توقّفاً وازناً محترماً عند السبب ولا عند ما هو أبعد منه وهو محاولة اكتشاف الخيط الرفيع الذي يربط بين الأحداث الكبرى الخطيرة التي استهدفت صورة الإسلام وثروات العالم الإسلامي منذ 11 سبتمبر إلى هذه الحادثة!!

 إذن لا بدّ من من فهم الخلفية وعدم الغَرَق في تفاصيل ظاهر الأحداث، وهي تكمن في الحقائق الثلاث التالية:

 1. كراهية تاريخية متعاظمة من الغرب الصليبي واليهود ضد الإسلام لأنه الدين الحق جوهرُه وحجر الأساس فيه ومقصِدُه (توحيد الله) بكلّ مقتضياته و(الحرب على الآلهة المزعومة) التي تستعبد الإنسان وتُصادر حريّته، وتأكيدُه على أنه الحق الوحيد المنزّل من عند الله وفضحُه التحريف الذي طال الرسالات السماوية السابقة.. وهذه الحقيقة من أخطر الحقائق وقد كشفها لنا الله رب العالمين قبل أن تؤكّدها الوقائع في قوله سبحانه: (ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردّوكم عن دينكم إنْ استطاعوا يريدون أن يُطفئوا نور الله)، وفي الآية الأخرى: (يريدون ليُطفئوا نور الله ولَتَسْمعُنّ من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذىً كثيراً)!

 2. المدّ المتعاظم للإسلام في الغرب ويتجلّى في ظاهرة اختيار كبار ال مثقفين كبار وذوي مكانة اجتماعية مرموقة للإسلام ديناً واقتناعهم به مؤهَّلاً وحيداً لقيادة البشرية وخلاصها، وفي تكاثر أعداد الجاليات المسلمة في أوروبا وأمريكا مع شيخوخة القارة الأوروبية وهَلَع من حقيقة تراجُع نسبة أعدادهم بالنسبة للمسلمين وتوقُّعاتهم المخيفة لهم في العشرين سنة المقبلة، وفي كتاب «موت الغرب» لكاتب أمريكي كان مرشحاً للرئاسة ومستشاراً لثلاثة رؤساء أمريكان ما يكشف عن هذا الهلع!

 3. استعادة الصحوة الإسلامية زمام المبادرة بعد ظنّ الغرب أنّه قضى على الإسلام بهزيمة الإمبراطورية العثمانية في الربع الأول من القرن العشرين وبغزوه الفكري والثقافي الخطير للمسلمين على امتداد قرن وأكثر، وتقدُّمُ الصحوة في طرحها الفكري العميق الذي يعبّر عن أملها وتطلّعها وهو: استئناف الحياة الإسلامية، وقد توهّم الغرب أنّ هذا الطرح صار من الخيال أومن عالم المستحيلات وإذ به يُصعق بانحياز الشعوب الإسلامية لهذا الطرح!! وقد عبَّرت عنه هذه الشعوب في عدة محطات خلال قرن كامل، ثم أكّدتْه المفاجأة الصاعقة لهم في (الثورات العربية) بما ظهر فيها من التوجّه الإسلامي لدى الشعوب، على الرغم من كثير من الخَبَث وضعف الوعي وقلّة الحيلة وانعدام الإمكانات، وعلى رغم ما ظهر أثناءها من لؤم دَوْر (الدولة العميقة) ربيبة الغرب والصهيونية في كل بلد! 

لكن تبقى الحقيقة المُشبعة بالأمل التي قررها القرآن: (هو الذي أرسل رسولَه بالهدى ودين الحق ليُظْهرَه على الدين كلِّه ولو كره المشركون) وواللهِ ثم واللهِ إنّ هذا الظهور قادمٌ لا نشك فيه!

 وهـا إنّا وإنْ كنّــا غَفـَوْنــا فإنَــا بعـد صَحْوتنــا نقــولُ:

 هو الإسلامُ دينُ الله يبقى * ويَحْمل صَرْحَـه جيلٌ فجيـلُ

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *