قال لزوجته أنت طالق بسبب طلب الزوجة لحقوقها الزوجية وعدم اهتمامه بها وغيابه عنها لفترات طويلة ما الحكم؟
فتوى رقم 4426 السؤال: السلام عليكم ورحمة الله، أخت مكتئبة ببيتها وزوجها غائب عنها باليوم 14ساعة، وفي المساء يطلب منها حقَّه الشرعي فهي تنزعج وتقول له: أين حقي أنا بالاهتمام والدُّعابة، يقول لها: ليس لديَّ وقت، وأنا لازم آخذ حقي منك كلَّ يوم، وإن لم يَرُقْ لك ذلك فأنت وشأنك، واستمر الخلاف سنة وآخر شهر أتى اليها فقالت له ـــ وهي تمزح ـــ ما قادرة اليوم، قال لها وبدون انتظار: أنت طالق حِلِّي عني، اختصرت الشرَّ وأعطته طلبه وهي مرغمة على ذلك، فما حكم ذلك؟
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
بداية، فإنَّ هذا الزوج أساء لزوجته في طريقته بالتَّعامل وطلبه لحقِّه، فقد روى الديلميُّ في مسند الفردوس أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «لا يَقَعَنَّ أحدُكم على امرأته كما تقع البهيمة، ولْيكن بينهما رسول، قيل: وما الرسول يا رسول الله؟ قال: القُبْلَة والكلام». فيجب على الزوج أن يعفَّ زوجته، وأن لا يُسارع إلى قضاء وَطَره ــ حاجته ـــ قبل أن تقضيَ هي وَطَرَها. وأما بالنسبة لقوله لزوجته: “أنت طالق حِلِّي عني”، فهذا اللفظ طلاق صريح، يقع به طلقة واحدة رجعية، وأما معاشرته لزوجته في العدة من طلاق رجعي، وقبل إرجاعها بلفظ صريح بأن يقول لها: “أرجعتك إلى ذمَّتي” أو بلفظ كناية مع نية الرجوع ، كقوله لها:” أنت امرأتي” أو “زوجتي” ، فلا حرجَ فيه، فقد نصَّ فقهاء الحنفية في كتبهم المعتمدة في المذهب: “أن الرجعة للزوجة المطلَّقة طلاقاً رجعياً قبل انتهاء عدتها، إما أن تكون بالقول أو بالفعل، فالطلاق الرجعي لا يمنع وطء الزوجة طالما هي في العدة .”انتهى ملخَّصاً من ردِّ المحتار على الدُّرِّ المختار للفقيه المحقِّق محمد أمين بن عابدين الحنفيِّ الدمشقيِّ ـــ رحمه الله تعالى ــــ (2/529و530).
وعليه: فقد رجعت هذه الزوجة إلى زوجها ـــ بعد وقوع الطلاق الرجعي ــــ بمعاشرته لها أثناء عدتها. وننبِّه: إلى أن هذا كلَّه مقيَّد بكون هذه الطلقة هي الأولى أو الثانية، أما إذا كانت هذه هي الطلقة الثالثة، فلا يَحِلُّ له إرجاعها إلى ذمَّته وعصمته، لكونها تصير بائنة بينونة كبرى بحدوث الطلقة الثالثة، والله تعالى يقول: (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُون) ]سورة البقرة الآيتان: 229و230]. والله تعالى أعلم.