هل يجوز الجمع بين الأضحية والعقيقة في النية؟ وهل يجوز ذبح شاة واحدة بدل اثنتين للمولود الذكر؟
فتوى رقم 4390 السؤال: السلام عليكم ورحمه الله وبركاته، إمكاناتي المادية لم تسمح لي بأن أذبحَ العقيقة لطفلي بوقتها، سؤالي هو: هل يجوز الجمع بين الأضحية والعقيقة لطفلي، أو أن تقدم العقيقة على الأضحية، أو العكس؟ أصبح عمر طفلي سنتين ونصف، وهل يجوز ذبح شاة واحدة بدل اثنتين للمولود الذكر؟ أعتذر عن الإطالة جزاكم الله خيراً.
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
بالنسبة للجمع بين الأضحية والعقيقة في النية. هذه المسألة اختلف فيها أهل العلم، فذهب جمهور الفقهاء من المالكية كما في كتاب” مواهب الجليل” (3/259)، والشافعية كما في كتاب “تحفة المحتاج شرح المنهاج” (371/9) إلى عدم صحة الجمع بين الأضحية والعقيقة بنية واحدة في شاة واحدة؛ لأن المقصود في كلّ واحدةٍ منهما إراقةُ دمٍ، ولأنّ كلَّ واحدة منهما سُنَّةٌ مقصودة مستقلّة، فلا يُجزئ الجمعُ بينهما.
ونصَّ الحنابلةُ -في المعتمد عندهم- والحنفية (والعقيقة عندهم مباحة إلا أنها بنية شكر الله تصير طاعة لله تعالى) على جواز الجمع بين أضحية وعقيقة بنية واحدة في شاة واحدة. قال الفقيه الحنبلي البهوتيُّ -رحمه الله- في “كشَّاف القناع”(3/30): “وَلَو اجْتَمَعَ عَقِيقَةٌ وَأُضْحِيَةٌ، وَنَوَى الذَّبِيحَةَ عَنْهُمَا، أَيْ: عَنْ الْعَقِيقَةِ وَالْأُضْحِيَةِ أَجْزَأَتْ عَنْهُمَا نَصًّا”. انتهى. أي: نصَّ عليه الإمام أحمد.
وقال الفقيه المحقِّق ابن عابدين الحنفيُّ -رحمه الله تعالى- في حاشيته المسمَّاة “رد المحتار على الدر المختار” (5/209و210): ” وكذا لو أراد بعضهم العقيقة عن ولدٍ قد وُلد له من قبل؛ لأن ذلك جهة التقرُّب بالشكر على نعمة الولد ذكره محمد (بن الحسن الشيباني تلميذ أبي حنيفة)..” انتهى.
وقال العلّامة ابن قيِّمِ الجوزية -رحمه الله تعالى- في “تحفة المودود بأحكام المولود” (ص80و81): “فإذا ضحَّى ونوى أن تكون عقيقة وأضحية وقع ذلك عنهما”. انتهى.
وعليه: فإن كنت تعجز – لعدم القدرة المالية – عن أن تضحِّيَ بشاة مستقلة، وتَعُقَّ عن المولود بشاة أخرى، فلا مانعَ من الأخذ بما عليه مذهب الحنفية والحنابلة، وإلا فالأفضل والأحوط الأخذ بقول جمهور أهل العلم.
وأما بالنسبة للذبح عن الذكر شاة واحدة بدل شاتين. فقد نصَّ أكثر أهل العلم ــ من الحنفية الشافعية والحنابلة وبعض المالكية ـــ على أنه لا مانعَ من ذبح شاة واحدةٍ عقيقةً عن المولود الذَّكر، قال الإمام النوويُّ -رحمه الله- في كتابه “المجموع” (8/409): “السنَّة أن يَعُقَّ عن الغلام شاتين، وعن الجارية شاة، فإن عَقَّ عن الغلام شاةً حصل أصلُ السنَّة”. انتهى،
وقال الفقيه المحقِّق ابن عابدين الحنفيُّ -رحمه الله تعالى- في حاشيته المسماة “رد المحتار على الدر المختار” (5/213): “وَيَعُقُّ عند الحلق عقيقةً إباحةً..أو تطوُّعاً وهي شاة تصلح للأضحية، تُذبح للذكر والأنثى”. انتهى. وكذا نصَّ ابن قدامةَ المقدسيُّ الحنبليُّ، كما في المغني (11/120)، والحطَّاب المالكيُّ، كما في “مواهب الجليل” (4/390).
وعليه : يجزئ ذبح شاة واحدة عقيقةً عن المولود الذَّكر. والله تعالى أعلم.