المخاصمة بين المسلمين في رمضان

الفتوى رقم 3920 السؤال: السلام عليكم، ما حكم المسلمَينِ الَّذَينِ بينهما المشاجرة أي المخاصمة في رمضان؟ يعني لا يكلّم أحدهما صاحبَه.

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

مخاصمة المسلم للمسلم إذا تضمّنت تباغضاً وحقداً وهجراناً، فهي حرام في رمضان وفي غيره، وحديث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم واضح في ذلك، فقد روى البخاريّ ومسلم في صحيحَيْهما، أنّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: “لا يحِلُّ لرجل أن يهجر أخاه المسلم فوق ثلاث، يلتقيان فيُعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام”. والهجر والخصومة في شهر رمضان يتأكد تركه؛ لأنه شهر الرحمة والمغفرة، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: “تُفتح أبواب الجنة يوم الإثنين ويوم الخميس، فيُغفَر لكلّ عبد لا يُشرك بالله شيئًا، إلّا رجلًا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيُقال: أَنظِروا هذين حتى يصطلحا، أَنظِروا هذين حتى يصطلحا، أَنظِروا هذين حتى يصطلحا”.

هذا كلُّه إذا لم تكن الخصومة بسبب ارتكاب المنكرات، فقد قال الحافظ وليُّ الدين العراقي -رحمه الله تعالى- في كتابه “طرح التثريب” (8/99): “هذا التحريم مَحَلُّهُ في هجرانٍ ينشأ عن غضبٍ لأمر جائز لا تعلُّق له بالدِّين، فأما الهجران لمصلحة دينية من معصية أو بدعة: فلا مانع منه، وقد أمر النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بهجران كعب بن مالك، وهلال بن أمية، ومُرارة بن الرَّبيع رضي الله عنهم، قال ابن عبد البرّ: وفي حديث كعب هذا دليل على أنه جائز أن يهجر المرء أخاه إذا بدت له منه بدعة أو فاحشة يرجو أن يكون هجرانه تأديباً له وزجراً عنها، وقال أبو العباس القرطبي: فأما الهجران لأجل المعاصي والبدعة فواجب استصحابه إلى أن يتوب من ذلك ولا يختلف في هذا، وقال ابن عبد البرّ -أيضاً-: أجمع العلماء على أنه لا يجوز للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث إلا أن يخاف من مكالمته وصلته ما يفسد عليه دينه أو يولد به على نفسه مضرّة في دينه أو دنياه، فإن كان كذلك رُخِّص له في مجانبته، ورُبَّ صَرَمٍ –هَجْر- جميل خير من مخالطة مؤذية”. انتهى. والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *