أنا أرتكب الكبائر ثم أستغفر الله، هل تُمحى تلك الذنوب؟
الفتوى رقم 3251 السؤال: السلام عليكم، أنا أرتكب الكبائر ثم أستغفر الله، هل تُمحى تلك الذنوب؟
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
اعلم -أيها السائل- أن باب التوبة مفتوح، قال الله تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [سورة الزمر الآية: 53]. ولا يُغلق هذا الباب إلا إذا بلغت الروحُ الحلقومَ أو طلعت الشمس من مغربها.
فإذا كانت المعصية من الصغائر فيكفي أن فيها الاستغفار، هي تذهب بالوضوء والصلاة والذِّكر… وغيرها من الطاعات التي ورد ذِكرها في أحاديثَ كثيرةٍ عن سيِّدنا رسول الله ﷺ.
وأما الكبائر وهي المعاصي التي ورد فيها وعيد شديد أو لعن أو حدٌّ، فهذه لا بدَّ فيها -مع الاستغفار- من تحقُّق شروط لتَصِحَّ التوبة منها؛ وهي:
- 1- الإقلاع عن تلك الكبيرة.
- 2- الندم.
- 3- العزم على عدم العودة إليها.
- 4- ردّ الحقوق إلى أصحابها، إذا تعلَّقت تلك الكبيرة بمخلوق، كسرقة مثلاً فيجب عليه ردُّ المال إلى صاحبه.
فإذا تحقَّقت هذه الشروط صحَّت التوبة، وإن عاد إليها بعد ذلك فيجب عليه التوبة مرة ثانية بالشروط التي ذكرناها. روى البخاريُّ في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: “إن عبدًا أصاب ذنبًا -وربما قال: أذنب ذنبًا- فقال: ربِّ أَذْنَبْتُ -وربما قال: أصبت ذنبًا- فاغفر لي، فقال ربُّه: عَلِمَ عبدي أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ به غفرتُ لعبدي، ثم مكث ما شاء الله، ثم أصاب ذنبًا -أو أذنب ذنبًا- فقال ربّ: أَذْنَبْتُ -أو أَصَبْتُ آخرَ- فاغفره، فقال: عَلِمَ عبدي أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ به، غفرت لعبدي، ثم مكث ما شاء الله ثم أذنب ذنبًا -وربما قال: أصبت ذنبًا- قال: قال: رب أصبت -أو قال: أذنبت آخر- فاغفره لي، فقال: عَلِمَ عبدي أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ به، غفرت لعبدي ثلاثا فليعملْ ما شاء”.
قال الإمام النوويُّ -رحمه الله تعالى- في شرحه للحديث: “وفي الحديث أن الذنوب ولو تكرَّرت مائة مرة بل ألفًا وأكثر وتاب في كلِّ مرة قُبِلَتْ توبتُه، أو تاب عن الجميع توبة واحدة صحَّت توبته. وقوله في الحديث: “اعمل ما شئت”، معناه: ما دمْتَ تذنب فتتوب غفرت لك”. انتهى.
والله تعالى أعلم.