والدي يُحتضر، فماذا أفعل؟ وما السنَّة في مثل هذه الأمور؟

الفتوى رقم: 928 السؤال: والدي يُحتضر، فماذا أفعل؟ وما السنَّة في مثل هذه الأمور؟

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

يُسَنُّ لمن حضر احتضارَ مسلمٍ عدة أمور:

1. تلقينه “لا إله إلا الله” لما رواه مسلم وأبو داود والترمذيُّ عن أبي سعيد الخدريِّ رضي الله عنه: أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: “لقِّنوا موتاكم: لا إله إلا الله” قال العلماء: وينبغي أن لا يُلِحَّ عليه في ذلك. ولا يقولَ له: قل لا إله إلا الله، خشية أن يضجر، فيتكلم بكلام غير لائق، ولكنْ يقولها بحيث يسمعه مُعَرِّضًا له، ليفطنَ له فيقولها. وإذا أتى بالشهادة مرة لا يعاود التلقين ما لم يتكلم بعدها بكلام آخر فيُعاد التعريض له به، ليكون آخر كلامه.

2. توجيهه إلى القِبلة، مضطجعًا على شقِّه الأيمن، لما رواه البيهقي والحاكم وصحَّحه عن أبي قتادةَ: أن النبيَّ ﷺ لما قَدِمَ المدينة، سأل عن البراءِ بنِ معرورٍ رضي الله عنه؟ فقالوا: تُوفي، وأوصى بثلث ماله لك، وأن يوجَّه للقِبلة لمّا احتُضر، فقال النبيُّ ﷺ: “أصاب الفطرة، وقد رددت ثُلُثَ ماله على ولده”، ثم ذهب فصلَّى عليه، وقال: “اللهم اغفر له وارحمه وأدخله جنتك، وقد فعلت” قال الحاكم: ولا أعلم في توجيه المحتضَر إلى القبلة غيرَه.

3. قراءة سورة يس، لما روى أحمدُ وأبو داودَ والنسائي ُّعن مَعْقِل بن يسارٍ رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: “يس قلب القرآن، لا يقرؤها رجل يريد الله والدار الآخرة إلا غُفر له وأقرؤوها على موتاكم”.

4. تغميض عينيه إذا مات، لما روى مسلم: أن النبيَّ ﷺ دخل على أبي سلمةَ رضي الله عنهما، وقد شَقَّ بصرُه -أي: بقي بصرُه منفتحًا ومتسعًا بعد خرجت روحه، ناظرًا أين يذهب- فأغمضه ثم قال : “إن الروح إذا قُبِضَ تَبِعَه البصر”.

5. تسجيته صيانةً له عن الانكشاف، وسترًا لصورته المتغيرة عن الأعين، فعن عائشة رضي الله عنها: أن النبيَّ ﷺ حين توفِي سُجِّي ببُرْدٍ حِبَرة -يعني غُطِّي بثوب مخطَّط- رواه البخاري ومسلم.

6. المبادرة بتجهيزه متى تحققَّ موتُه، فيُسرع وليُّه بغسله ودفنه مخافةَ أن يتغيَّر، والصلاة عليه، لما رواه أبو داود، عن الحصين بن وَحْوَحٍ أن طلحةَ بنَ البراءِ مرض، فأتاه النبيُّ ﷺ يَعُوده، فقال: “إني لا أرى طلحةَ إلا قد حدث فيه الموت، فآذنوني به وعجِّلوا، فإنه لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهرانَيْ أهله”.

7. قضاء دينه، لما رواه أحمدُ وابن ماجه والترمذي، وحسَّنه، عن أبي هريرة أن النبيَّ ﷺ قال: “نفس المؤمن معلَّقة بدَيْنه حتى يُقضى عنه” أي: أن أمرها موقوف لا يُحكم لها بنجاة ولا بهلاك، أو محبوسة عن الجنة، وهذا فيمن مات وترك مالًا يُقضى منه دينه، أما من لا مال له ومات عازمًا على القضاء، فقد ثبت أن الله تعالى يقضي عنه، ومثله من مات وله مال وكان محبًّا للقضاء، ولم يقض من ماله ورثتُه.

ويستحب أن يسترجع المؤمنُ ويدعو الله عند موت أحد أقاربه بالآتي:
  • روى أحمد ومسلم عن أمِّ سلمةَ رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أْجُرْني في مصيبتي وأَخْلِفْ لي خيرًا منها، إلا آجره الله تعالى في مصيبته، وأَخْلَفَ له خيرًا منها» قالت: فلما توفي أبو سلمة قلت كما أمرني رسول الله ﷺ، فأخلف الله لي خيرًا منه: رسولَ الله ﷺ.
  • وفي الترمذيِّ عن أبي موسى الأشعريِّ رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ قال: «إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم. فيقول: فماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع. فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتًا في الجنة وسمُّوه بيتَ الحمد» قال: حديث حسن.
  • وفي البخاريِّ عن أبي هريرةَ: أن رسول الله ﷺ قال: «يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صَفِيَّه من أهل الدنيا ثم احتَسَبه إلا الجنة».
  • وعن ابن عباس في قول الله تعالى: (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) قال: أخبر الله عزَّ وجلَّ: أن المؤمن إذا سلَّم لأمر الله ورجَّع واسترجع عند المصيبة كُتب له ثلاث خصال من الخير: الصلاة من الله، والرحمة، وتحقيق سبيل الهدى.

والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *