ابنتي تدَّخر مالًا في البنك الإسلامي، لتشتريَ بيتًا بإذن الله بالمستقبل، فهل هذا المال عليه زكاة؟

الفتوى رقم: 315: السؤال: ابنتي تدَّخر مالًا في البنك الإسلامي، لتشتريَ بيتًا بإذن الله بالمستقبل، فهل هذا المال عليه زكاة؟

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

المال المدَّخر، بصرف النظر عن نية الادخار -بناء بيت، أو زواج، أو حجٍّ، أو غير ذلك- إذا بلغ هذا المال النصاب -وهو 85 غرامًا ذهبًا يُضرب بسعر السوق الحالي = بالعملة النقدية …..- وحال عليه الحول وهو سنة قمرية، فقد وجب إخراج زكاته، لعموم الأدلة الدالَّة على وجوب زكاة المال، والقَدْرُ الواجب إخراجه في الزكاة هو 2.5%؛ أي: ربع العشر. وهذا الحكم باتفاق المذاهب الفقهية.

واعلم -أخي السائل-: أن الزكاة شرعها الله تعالى تطهيرًا ونماءً وبركة، ومواساةً للفقراء والمساكين، وهي فريضة عظيمة، لا يجوز التهاون في أدائها؛ فإن المال مال الله تعالى، وهو الذي أمر بالزكاة، وتوعَّد مَن فَرَّط في أدائها، كما قال سبحانه: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) سورة البقرةآية:43، وقال سبحانه: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) سورة التوبة آية :103. وقال عزَّ وجلَّ: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) سورة التوبة آية : 34. والكنز هو كلُّ مال وجبت فيه الزكاة، ولم تُخرج.

وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: “مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلا فِضَّةٍ لا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إِلا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ، فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ، كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ، فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّار”.
وأخبر صلَّى الله عليه وسلَّم أن الزكاة لا تُنقص المالَ في الحقيقة، بل تباركه وتزيده، فقال :”مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ “. رواه مسلم في صحيحه.

ومسألة البركة في المال يغفل عنها -للأسف- كثير من الناس، فقد يملك الإنسان الأموال الطائلة لكنها لا تكفيه، ولا تحقِّق له ما يريد، ولا يشعر معها براحة أو سعادة، ويملك غيرُه مالًا قليلًا قد بورك فيه، فيسعد به ويهنأ، وهذا أمر مُشاهَد. فلا تترددي -أيتها الأخت- في إخراج زكاة المال، وأدِّي ذلك بنفس راضية، وقلب مطمئن، واعلمي أن رضا الله تعالى هو الغاية والمطلب، وأن الدنيا عَرَضٌ زائل، ومتاع قليل، (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ) سورة آل عمران آية :185.

والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *